تشير كل المعطيات المتوفرة حتى الان والمتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة ان الامور تراوح مكانها، حيث تتقاذف القوى المسؤوليات، وتظهر مطالبات وحصص وحقائب وزارية، فتنتقل الصحة من فريق الى آخر وكذلك التربية، وآخر هذا البازار ما اعلنه رئيس تيّار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ من أنّه يريد وزارة سيادية.

ينطلق فرنجية وبحسب مصادره من شروطه للانضمام الى الحكومة من رفضه ان يؤدّبه أحد أو يكسره، وهو الزعيم المسيحي الذي كاد يصل الى أبواب القصر لو تخلّى عن ثوابته ولم يتضامن مع حليفه "حزب الله" ورفض حضور جلسات انتخاب الرئيس بعد تبني الحريري ترشيحه وتأييد بري لهذا الترشيح.

اما مصادر "​القوات اللبنانية​" فتقول أنها لا تضع فيتو على أحد ولا تعمل لعزل احد، ولا تلعب بالتوازنات الوطنيّة، وأنها قدمت تنازلا بتخلّيها عن حقيبة سياديّة، وقبلت بما عرضه عليها رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ أي الأشغال والشؤون الاجتماعية والإعلام، وهذا حقّ من حقوقها، على أساس أنها ثاني اكبر مكوّن مسيحي، وان تمثيلها في المجلس النيابي هو تمثيل دفتري لا يعتمد عليه .

أما بالنسبة لباقي القوى المسيحية، ترى مصادر سياسيّة انّ أم العروس هي التيار "الوطني الحر"، ويبقى القوى التي لم تنتخب الرئيس ميشال عون مثل الكتائب وغيرها، التي عاد البعض منها واعلن تأييده للعهد، على أمل ان تتمثل في الحكومة ولو بحقيبة واحدة مهما كان حجمها.

واعتبرت هذه المصادر ان الثنائي الشيعي ومعه فريق الممانعة مثل الحزب "القومي" و"البعث" وعدد قليل من القوى السنيّة، ما زالوا يملكون زمام المبادرة بفضل قوة "حزب الله"، خصوصًا وانه من المستحيل إقامة حكومة في حال رفضت هذه القوى المشاركة.

وتعتقد المصادر انه لو كان الأمر يتعلق فقط بتوزيع الحقائب على القوى وان لا خلفيات سياسية، لكانت هذه الحكومة أبصرت النور خلال ايام، مشيرة الى أن الايجابيات التي تم تداولها في الفترة الاخيرة انحصرت فقط في معاودة الاتصالات وتحريكها دون التوصل الى حلول.

وسألت المصادر عما إذا كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يستطيع في الكلمة المتلفزة له اليوم، أنْ يدوِّر الزوايا ويقدِّم تصوّرا وطريقة لإنهاء ازمة التشكيل؟!.

ووصفت مصادر نيابية متعاطفة مع الحزب ان الوضع الحكومي اليوم يشبه الى حد ما مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسيّة، لأنّه عالق، لكن مع فارق بسبب سقف زمني على الحكومة ان تتشكّل خلاله .

ولا تستبعد المصادر بأن يرسم الامين العام للحزب مسارا لحلحلة العقد، مع الأخذ بعين الاعتبار إصراره على إنطلاقة العهد، وإهمال محاذير التفاهم بين "القوات" والتيار "الوطني الحر" في هذه المرحلة، والتي عبّر عنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والمتعلقة بقيام حلف ماروني-سني مع الامتيازات السياسية وغيرها التي كانت تتمتع بها هاتين الطائفتين في مرحلة ما قبل عام 1975.

وإذ ترى المصادر أنه بانتظار ما ستؤول اليه الامور بالنسبة لقانون الانتخاب ونتائج الانتخابات النيابية المقبلة التي ربما سترسم وجهًا جديدا لتعاطي القوى السياسية مع بعضها البعض، وكذلك لمعرفة ما ستؤول اليه الاوضاع السياسية في سوريا وشكل النظام الذي سيختاره السوريون، تؤكد انه انطلاقا من هذا التصور وعدم خشية حزب الله من اي تحالفات مهما كان شكلها، وهو الذي رحب بأي تفاهم بين أيّ من المكونات السياسية، فإن بإمكانه وبحكم علاقاته المتينة مع رئيس البلاد وكذلك مع النائب سليمان فرنجية، ان يطرح حلولا مقبولة من الجميع، وإلا نكون امام حالة شبه مستعصية سيكون حلّها من خارج الحدود اللبنانية.