مهما قيل عن الحكومة وشكلها وما يمكن أن يقال عنها من هذا الفريق أو ذاك، ف​البطريركية المارونية​ أكثر من مرتاحة لوضع المسيحيين وأكثر من مطمئنة هي لعودتهم بقوة الى طاولة السلطة التنفيذية. ففي الشكل قبل المضمون، أي قبل توزيع الحقائب ومن حصل على هذه الحقيبة السيادية أو تلك الثانوية، فما هو محسوم حتى اللحظة هو حصول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ثلاثة وزراء بينهم إثنان مسيحيان وسنّي، وحصول التيار الوطني الحر على ثلاثة وزراء مسيحيين أيضاً، هذا بالإضافة الى حصول القوات اللبنانية على ثلاثة وزراء من المسيحيين أيضاً والوزير ميشال فرعون على إعتباره من حصة معراب، هذا فضلاً عن وزير مسيحي لتيار المرده وآخر لحزب الطاشناق، أي ما يجمع حصة للأحزاب التي تمثل المسيحيين من وزيراً وذلك في حكومة مؤلفة من وزيراً. وإذا كانت الحكومة ثلاثينية ستضاف الى ما تقدم حصة لحزب الكتائب، ما يعني أن المسيحيين في الحكومة الأولى للعهد الرئاسي الجديد إذا إتحدوا، ينطلقون من كتلة وزارية تزيد بعددها عن الثلث الضامن في حكومة عشرينية، ومن كتلة وزارية تزيد أيضاً عن الثالث الضامن إذا كانت الحكومة ثلاثينية.

"هو الإنجاز الثاني الذي نشهد على تحقيقه بعد الإنجاز الأول الذي تمثل بإنتخاب مسيحي قوي رئيساً للجمهورية" تقول اوساط ​بكركي​، وتضيف "بمجرد إنتخاب شخصية كالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لا يمكن أن تعود عقارب الساعة الى الوراء في الدورات القادمة، ما يعني أن إنتخاب الرئيس لا يمكن ان يتم بعد اليوم بمجرد أن يقرّر الأفرقاء الآخرون في الوطن إسمه من دون العودة الى القرار المسيحي والأحزاب التي تمثل الرأي العام المسيحي، كما أنه من غير الممكن إنتخاب أي كان بغض النظر عن موقعه التمثيلي في اللعبة السياسية". هذه المعادلة الرئاسية، تنطبق أيضا على عمليّة تشكيل الحكومة، بحسب مصدر كنسي بارز، فإذا حصد المسيحيون اليوم حصة الأسد في التشكيلة الحكومية، وإستمروا على تكاتفهم وتضامنهم، فلا يمكن أن يعطيهم الآخرون ما تبقى من فتات الوزارات، كما كان يحصل سابقاً، كل ذلك شرط أن يبقوا متفقين بين بعضهم البعض، كي يفاوضوا دائماً من موقع القوي لا الضعيف.

بعد الرئاسة والحكومة، تبقى عين البطريركية المارونية على بيت القصيد، أي قانون الإنتخاب، الذي يفرز مجلساً نيابياً تقرر على أساس أكثريته هوية رئيس الدولة، وتوزع على أساس توازناته وكتله الحقائب الوزارية بعد الإستشارات النيابية الملزمة وغير الملزمة. قانون الإنتخاب الذي تأمل بكركي أن يأتي على القاعدة نفسها التي اعتمدت في إنتخابات رئاسة الجمهورية وفي عملية تشكيل الحكومة. قاعدة أن تعطى كل طائفة حقها بشكل واقعي وحقيقي لا بطرق مزيّفة وملتوية، قاعدة تقوم على المناصفة التي نص عليها الدستور اللبناني، وقاعدة إحترام الميثاقية التي تطبق فيها معادلة ما لي هو لي وما لك هو لك، وتطوي صفحة ما هو للمسيحيين هو لي ولك وما هو للمسلمين هو لي.