تشكلت حكومة ​سعد الحريري​ بعد شهر ونصف فقط على تكليفه بالمهمة، فالامور في العهد الجديد تسير بسلاسة، ويبدو أن البيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه لن يطول أيضا ليبصر النور، فجميع الأفرقاء توافقوا على السرعة بالعمل، خصوصا اذا ما نظرنا الى عمر الحكومة الذي لن يطول بسبب الانتخابات النيابية.

تألفت لجنة البيان الوزاري نهار الأربعاء الماضي وعقدت أولى جلساتها في اليوم نفسه، وعلمت "النشرة" من مصادر مواكبة أن الجلسة الاولى كانت مناسبة امام الافرقاء الحكوميين كي يظهروا النوايا السليمة تجاه بعضهم البعض، مشيرة الى ان الجميع قد نجح في الإختبار، فما جرى داخل اللجنة كان مفاجئا لاعضائها حتى، ويمكن القول أن المرونة الموجودة في التعاطي بين الوزراء فريدة من نوعها ولا تشبه "الكباشات" السياسية التي كانت تحصل في السابق.

ساعات معدودة ويبصر البيان الوزاري النور بحسب المصادر، وعندها يأتي دور رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي سيدعو الى جلسة عامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل بحال استمرت الامور على ما هي عليه اليوم من إيجابية، للتصويت على منح الثقة. وتضيف المصادر: "لن يكون البيان الوزاري مطولات كلامية، فليس المطلوب تعبئة "مساحات الاوراق" بل العمل بواقعية كون برنامج عمل الحكومة محدد لأشهر معدودة"، مشيرة الى أن "أساس البيان الوزاري سيكون من وحي خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسيتم مقاربة أي موضوع خلافي بصورة عامة دون الدخول في التفاصيل لأن الشيطان يسكن فيها".

اما فيما يتعلق بثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، العقدة الدائمة في أي بيان وزاري، فهي بحسب المصادر لن تشكل عائقا، وستكون مشابهة لما كانت عليه في حكومة تمام سلام، وسيتم الاشارة عليها بعبارة "واجب الدولة وسعيها الدائم لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ورد العدوان". كذلك بالنسبة لسياسة "النأي بالنفس" عن الأزمات المحيطة بلبنان، فكما وردت في السابق سيتم التأكيد على اهمية تحييد لبنان عن الحروب الدائرة في المنطقة. وفي هذا السياق تشدد المصادر على أن القوى المعارضة لتدخل حزب الله في سوريا ترى أن "سياسة "النأي بالنفس" لن تكون مطبّقة بحال عدم عودة الحزب الى لبنان، ولكنها في الوقت نفسه ستتعامل بواقعية مع هذا الملف" وستعتبر أن "عدم استغلال حزب الله لنتائج الحرب السورية في الداخل اللبناني يأتي ضمن سياسة "النأي بالنفس"، كذلك عدم استغلال حزب الله لفائض القوة الموجودة لديه في الداخل اللبناني هو أيضا ضمن نفس السياسة"، مشيرة الى أن هذا الامر لقي صدى ايجابيا لدى قيادة حزب الله التي أكدت بالسابق أن وجودها في سوريا لن يؤثر على السياسة اللبنانية.

ومن الامور الهامة التي سيحملها البيان الوزاري على متنه، هي القانون الإنتخابي وضرورة إعداد هذا القانون قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل. وفي هذا الاطار ترى المصادر أن التركيز سيكون على فكرة إعداد قانون انتخابي "نسبي" يؤمن صحة التمثيل، واجراء الانتخابات في موعدها. وتضيف: "ان الحديث عن قانون انتخابي نسبي لا يلغي اقتراح القانون المختلط، خصوصا وأن اعتماد النسبية بشكل كامل حلم بعيد المنال في يومنا الحالي"، مشيرة الى أن حديث وزير الداخلية نهاد المشنوق عن تأجيل تقني للانتخابات بحال تم اقرار قانون جديد، لن يلغي ذكر عبارة "اجراء الانتخابات في موعدها".

الى جانب النقاط التي سبق وذكرناها سيحمل البيان الوزاري نقاطا اقتصادية وردت في البيان السابق لحكومة سعد الحريري الاخيرة فيما يخص ملف الطاقة والاتصالات وغيرها، وسيشدد على ضرورة مكافحة الفساد داخل الادارات العامة، وسيؤكد على تسليح ودعم الجيش اللبناني لتمكينه من القيام بواجباته في حماية لبنان ودرء الاخطار الإرهابية، كذلك سيأتي البيان على ذكر ملف النازحين السوريين في لبنان وضرورة معالجة هذا الملف بما يتيح عودتهم الى بلادهم.

يمكن تسمية البيان الوزاري "المنتظر"، بيان "الواقعية السياسية"، وسيكون خطاب القسم ركيزته الاساسية، وستنال الحكومة على أساسه الثقة من المجلس النيابي، ولكن العبرة تبقى دائما بـ"التطبيق".