في ظل الهدوء السياسي والامني اللبناني، يفتح الاسبوع الطالع أيامه، على مشهد فلسطيني ثلاثي الابعاد، يتصل بملفات سياسية وأمنية رئيسية، اولها نتائج اجتماعات "اللجنة التحضيرية" لعقد "المجلس الوطني الفلسطيني"، والارتياح الفلسطيني على اعتباره خطوة نحو المصالحة، والترحيب الفلسطيني باستضافة لبنان له، وثانيها "الامن الهش" في عين الحلوة القابل للاهتزاز في اي لحظة، رغم استمرار الجهود لتحصينه مع نشر "القوة الامنية المشتركة" في بعض مناطقه، وثالثها الجولة التي قام بها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الامين العام لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" الدكتور واصل ابو يوسف حيث زار ​مخيم عين الحلوة​، وهي المرة الاولى لامين عام فصيل فلسطيني رفيع المستوى قبل ان يلتقي القوى الصيداوية.

في المشهد الاول، فقد فتح البيان الختامي لاجتماعات "اللجنة التحضيرية" لعقد "المجلس الوطني الفلسطيني" الذي استمرّ على مدى يومين في سفارة دولة فلسطين في بيروت برئاسة رئيس المجلس سليم الزعنون ومشاركة ممثلين عن حركتي "فتح" و"حماس" والقيادة العامة و"منظمة الصاعقة" للمرة الاولى، الباب على مصراعيه أمام خطوات نحو اتمام المصالحة الفلسطينية، بعدما جرى ردم الهوة بين مواقف القوى الفلسطينية وتحديدا موقفي "فتح" من جهة و"حماس" و"الجهاد الاسلامي" من جهة اخرى، نحو تواتفق على ضرورة عقد دورة تضم القوى الفلسطينية كافة وفقا لاتفاق القاهرة 2005 واتفاق المصالحة عام 2011، اي الانتخابات حيث أمكن، والتوافق حيث يتعذر اجراء الانتخابات.

وقد وصفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، هذه الصيغة بأنها "الافضل"، كمقدمة لانهاء الانقسام، وضرورة تطبيق تفاهمات المصالحة كافة، والبدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تطلع بممارسة صلاحياتها في جميع اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بما فيها القدس، والطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" البدء فورا بالمشاورات مع القوى السياسية كافة للتوافق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وسط شعور متزايد بخطورة المرحلة المقبلة لجهة ما يجري في المنطقة من تطورات سياسية وامنية وتداعياتها على القضية الفلسطينية، وصولا الى نتائج الانتخابات الاميركية وفوز دونالد ترامب والاصرار على تطبيق اتفاق تنيت" ونقل السفارة الاميركية الى القدس"، مشيرة الى الى ان القناعة بخطورة المرحلة المقبلة وضرورة مواجهتها بموقف موحد، ساهمت في ردم هوة الخلاف وقربت المسافات بين كافة القوى الفلسطينية على قاعدة المرونة والانفتاح، لا التعصب والتشدد بالتمسك بالمواقف، وبالتالي فان الاتفاق على عقد المجلس الوطني الفلسطيني (عدد كل فصيل، المكان والزمان) من شأنه ان يمهّد الطريق لانضمام حركتي "حماس" و"الجهاد" رسميا الى اطار "​منظمة التحرير الفلسطينية​"، اذ ما زالتا حتى الان خارجه، وبالتالي انتخاب هيئة تنفيذية جديدة للمنظمة، وهو خطوة على طريق تعزيز الوحدة الفلسطينية الشاملة، واتمام المصالحة "الفتحاوية-الحمساوية"، علما انه في حال انضمامها تصبح المنظمة هي المرجعية الفلسطينية الموحدة والممثل الشرعي والوحيد للاجئين في الشتات وتتشاركان في اتخاذ اي قرار.

أمن عين الحلوة

في المشهد الثاني، فان الوضع الامني في عين الحلوة بقي على حاله هشا، يتأرجح على حبال الهدوء الحذر القابل للتوتير في اي لحظة وعند اقل شائعة او حتى سماع صوت اطلاق نار، في ظل غياب المعالجة الجذرية، ما دفع الكثير من ابناء حيي "طيطبا وعكبرة" الواقعين بين منطقتي "الصفصاف" حيث المعقل الاسلامي و"البركسات" حيث المعقل الفتحاوي"، بــ"النزوح الطوعي" ومغادرة منازلهم واستئجار أخرى قريبة في أحياء المخيم نفسه او في "الفيلات" المجاورة او صيدا وفق امكانياتهم الماديّة، بعد شعورهم بالخوف بأن الامور متروكة على "غاربها"، بلا معالجات جذرية تطمئنهم للبقاء فيها، في تنقلاتهم اذ قد يقعوا ضحية للانتقام دون ان يكونوا مستهدفين بحد ذاتهم.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان تقسيم المخيم الى مربّعات أمنيّة ومناطق بات واقعا الان، في ظلّ تراجع دور الاحياء "الوسطي" وقوة دور العشائر والمناطق في فرض الحساب، وتمهّل "القوة الامنية المشتركة" في الانتشار داخل الاحياء نفسها بلا "ضمانات" معينة، بعد انتشارها على طول شارع "بستان القدس"، مفرق "سنترال البراق" في حي الصفصاف، على طول الشارع الفوقاني (مدخلي حيي "عكبرة وطيطبا")، وصولا الى المدخل الشمالي لجهة المستشفى الحكومي (مدخل منطقة "البركسات") وتسيير دوريات خاصة مع اوقات دوام المدارس وموعد افتتاح مؤسسات وكالة "الاونروا".

جولة سياسية

في المشهد الثالث، والذي جمع بين الاثنين، اي الوضع الامني في عين الحلوة، إضافة الى مساعي ترتيب البيت الفلسطيني على ضوء نتائج اجتماعات اللجنة التحضيرية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني، والذي ترجم بالجولتين الميدانية التي قام بها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الامين العام لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" الدكتور واصل ابو يوسف، الى مخيم عين الحلوة وهي المرة الاولى لامين عام فصيل فلسطيني رفيع المستوى حيث التقى ضباط وكادر الجبهة في مقرها المركزي... والسياسية، على القوى الصيداوية، حيث التقى النائب ​بهية الحريري​، الامين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور ​اسامة سعد​، الدكتور ​عبد الرحمن البزري​، نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الاسلامية في لبنان الدكتور ​بسام حمود​.

ونوه الدكتور أبو يوسف، بدور القوى الصيداوية وبمواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني، آملا ان تنجح الفصائل الفلسطينية مجتمعة في ان تحذو حذو لبنان بتشكيل حكومة وحدة وطنية وانهاء الانقسام الفلسطيني مستفيدين من تجربة الرئيس سعد الدين الحريري وباتخاذ موقف شجاع، مؤكدا حرص القوى الفلسطينية على أمن المخيمات وعدم الاساءة الى الاستقرار الوطني اللبناني.

في الخلاصة يبقى الحراك الفلسطيني على صعيد الداخل اللبناني هو الشغل الشاغل لكافة القوى الأمنيّة، خصوصًا بعد الاثارة المفتعلة حيال إقامة حائط قرب المخيّم، والّذي تبيّن فيما بعد أنّه يخفي نيّات مبيّتة للعبث بالأمن الوطني اللبناني.