لم تنته فصول "الخيارات" الّتي قام بها رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بانتخابه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فمعركة إحتواء "نقمة" الشارع المستقبلي لا تزال قائمة، خصوصا أن الرجل الذي أقدم على تغيير "الواقع" السياسي في لبنان كانت ضاقت الخيارات أمامه لمشاكل عدّة قادته والغالبيّة من تيّاره الى وضع ورقة الرئيس عون في صندوق الاقتراع.

يدرك الحريري أن شعبية تيار "المستقبل" ليست على ما يرام، وأن بعض الشارع السني لم يستوعب بعد رغم وصوله الى رئاسة الحكومة "صدمة" الانعطافة السياسية التي حصلت دون أي اتفاق مسبق، حسبما يؤكد مصدر مقرب من رئيس الحكومة. ويضيف: "لا زلنا في بداية الطريق، وندرك حجم المفاجأة التي ضربت شارعنا، ونعلم علم اليقين أن قسما واسعا من الشارع السني ابتعد عن "اعتدالية المستقبل" واتجه نحو التطرف في أفكاره السياسية، الا ان الواقع السياسي الجديد سيفرض نفسه كما فرض نفسه على دول المحيط العربي والدول الغربية، ولو بعد حين".

يعلم المصدر أن الأحداث الجارية في المنطقة تجعل "الشارع" السني يغلي، ولذلك نجحت بعض "الطفيليات" السياسية من استقطاب نسبة لا بأس بها من جمهور "المستقبل"، فهؤلاء اعتمدوا في خطابهم على المذهبيّة والتحدّي، بينما يعتمد التيار على خطاب "المؤسسات" و"الوسطية" و"الاعتدال"، مشيرا الى أن الانتخابات النيابية المقبلة لن تكون سهلة على تيار "المستقبل"، وستشهد بحال اعتماد نظام نسبي دخول عناصر "سنيّة" متطرفة الى المجلس النيابي ستجعل الافرقاء السياسيين يترحمون على نواب "المستقبل"، مؤكدا أن التيار السلفي والمحيطين به سيخوضون الانتخابات بوجوه مقرّبة منهم. ويقول: "بدأ حزب الله يتلمس خطورة هذا الأمر في بيروت والشمال فليس تيار المستقبل من يتضرر بحال نجاح بعض الشخصيات المتطرفة من دخول المجلس النيابي المقبل".

يعلن المصدر أن تيار "المستقبل" لا يمكن ان يكون مع النسبية الكاملة بظل الوجود العسكري لحزب الله في لبنان. ويقول: "ان مناطق حزب الله مغلقة، ولا يمكن لأحد أن ينعم فيها بديمقراطية الترشح والحركة، والتجارب السابقة مع أحمد الأسعد لا تزال شاخصة أمامنا، فيومها وُوجه الأسعد ومُزّقت اعلاناته، وهذا ما سيتكرر مع أي مرشح يفكر في الترشح بوجه حزب الله"، مشيرا الى أن "المستقبل" لن يقف بوجه دخول النسبيّة الى ال​قانون الانتخاب​ي وعلى الارجح فإن النظام المختلط سيبصر النور قريبا، وهكذا نكون قد أدخلنا النسبية الى اللعبة السياسية بشكل تدريجي، كاشفا أن تأجيل الانتخابات أصبح أمرا واقعا بحال ولادة قانون انتخابي جديد.

أما بالنسبة لتحالفات "المستقبل" فيشدد المصدر على أن التيار يقف الى جانب "الاقليّات" السياسية، وسيعمل على وصول الشخصيّات المستقلة، وهو في هذا الاطار يسعى لإنشاء تحالف انتخابي في زغرتا بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، ويسعى لأن تتمثل القوى السياسية في زحلة بأكملها، مشددا على أن التيار سيواجه محاولات "التهميش" في عاصمة الكثلكة وسيرفض اغلاق البيوتات السياسية العريقة، مشيرا الى أن تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في زحلة يمتلك الأفضلية على باقي مكونات المدينة السياسية، ولكن "المستقبل" لن يساهم بأي عملية "الغاء".

تحرك سعد الحريري في مبادرة دعم ترشيح الرئيس عون بعد أن أصبح لبنان على شفير الهاوية، فالمعلومات "الماليّة" التي وصلت للرجل يومها والتي أشارت الى ان الليرة اللبنانية ستصمد عاما واحدا فقط قبل أن تنهار، جعلته يتحرك سريعا دون اجراء الحسابات "الشعبيّة" و"الانتخابيّة". اليوم لم يعد ينفع الحديث عن الماضي فالتيار يواجه استحقاقا انتخابيا شرسا، فمن سيكسب الشارع السني؟.