لا يزال الحديث عن تبني أي طرح انتخابي جديد يدور في دائرة مغلقة، في وقت بدأت المهل الدستورية تقترب من النفاذ من دون التوصّل الى صيغة قانون انتخابي مقبول من الجميع. فمن هو الّذي يلعب دور "البومة" لعدم اقرار قانون عصري وحديث؟!.

في هذا السياق لفتت مصادر نيابية في تكتل "التغيير والإصلاح" ان الذين يطالبون رئيس الجمهورية بمبادرة لاقرار قانون جديد للانتخابات، يعرفون جيدا ان وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ وبصفته رئيسا للتيار الوطني الحر، يعكس توجهات الرئيس ميشال عون في هذا السياق، وقد طرح حتى الان صيغتين لم تلقيا الاجماع المطلوب للتوافق على احداهما، وهو في صدد الإعداد لصيغة ثالثة.

ورأت مصادر سياسية متابعة ان أمام العماد عون وبعد ان وصلت المداولات والمناقشات بشأن قانون جديد للانتخابات الى ما وصلت اليه من طرق مسدودة ثلاث خيارات:

-الخيار الاول هو توجيه رسالة الى المجلس النيابي يضع فيها الكتل النيابية امام مسؤولياتهم، وان مسوّدة مثل هذه الرسالة باتت جاهزة، لكن ما نقل من كلام عن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في هذا السياق لا يوحي بأنّ مثل هذه الخطوة ستعطي المفعول المرجو منها.

-الخيار الثاني فهو ان تستردّ الحكومة مشروع قانون حكومة نجيب ميقاتي وتدخل عليه بعض التعديلات وتطرحه على المجلس، وهذا أمر من المستبعد ان يحصل على موافقة مكوّنات الحكومة الحاليّة، طالما أنّ جميع الكتل النيابية ممثلة فيها باستنثاء حزب الكتائب لم تتوصل الى تفاهم حوله ولا على إمكانية تعديله.

-الخيار الثالث لدى رئيس الجمهورية هو الدعوة الى لقاءات ثنائية مع رؤساء الكتل النيابية، بهدف جوجلة أفكار للتوصل الى أرضيّة مشتركة حول قانون يحظى بموافقة الجميع.

ورأت المصادر ان خيار سقوط المهل لم يكن دقيقا حيث ان المهلة القانونية هي بعد حوالي 27 يوما اي قبل 28 من شهر اذار المقبل، وهي مدة لا يستهان بها للاتفاق على قانون، على أساس ان هناك بعض النقاط الإيجابية في المداولات بين الكتل وهي رفض الجميع لقانون الستّين، وكذلك استحالة التمديد للمجلس النيابي الحالي، وعدم وجود تباعد كبير بين هذه القوى حول القانون المختلط بعد أنْ حظي بموافقة المعارض الأساسي وهو رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.

وبالرغم من تأكيد مصادر حكومية بأنه وقبل انتهاء المهل القانونية، سيتم التوصل الى قانون جديد يحظى بموافقة الجميع دون ان تعطي أيّة تفاصيل عن صيغة هذا القانون.

وتساءلت مصادر نيابية عن الاسباب التي دفعت رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى التلميح بأن قانون الستين يبقى 60 مرة أفضل من التمديد، وعمّا اذا كان هذا الكلام فيه غمزٌ عمّا تردد من ان موافقة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ على السير بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهوريّة جاء نتيجة اتفاق بالإبقاء على قانون الستين.

مصادر في التيار الوطني الحر نفت وجود مثل هذا الاتفاق لكنّها قالت ردا على سؤال، اذا تعذر الاتفاق على قانون انتخابي بعد مضي المهل القانونية يشكل إحراجا لها ولجميع القوى وخاصة المسيحية منها التي ستكون امام خيارين احلاهما مر، وهو اما المشاركة في الانتخابات على أساس قانون الستين، او مقاطعة الانتخابات.

ولا تستطيع المصادر الجزم بالموقف الذي ستتخذه القوى المسيحيّة، خصوصًا وإنّ أيّ موقف سلبي من المشاركة في الانتخابات على أساس القانون الحالي، سيكون بمثابة القفز فوق القوانين والدستور الذي اقسم رئيس الجمهورية للمحافظة عليه.

من جهة اخرى رأت مصادر نيابية حليفة للتيار الوطني الحر انها ترفض رفضا قاطعا لأيّ فراغ في المؤسسة الدستورية الثانية، وهي وفي حال وصلت الامور الى طريق مسدود في وجه اقرار قانون جديد، فإنها لن تتردد بالمشاركة في الانتخابات على أساس القانون الحالي.

وبانتظار الصيغة الثالثة التي يعمل وزير الخارجية جبران باسيل على طرحها، قبل ان ينتقل الى تبني صيغة الأرثوذكسي، الذي قال بري عنه "سبحان الذي يحيي العظام وهي رميم"، فإنّ احتمالات إجراء الانتخابات على أساس الستين ستكون الاكثر منطقية، في حال لم تحصل صيغة باسيل الثالثة على توافق الكتل، في ظلّ اصرار نبيه بري على ان دعوة الهـئية العامة لمناقشة القوانين المطروحة هي "حرب أهلية".