ينشغل المسؤولون والسياسيون اليوم بقانون الانتخاب والموازنة والتعيينات، ويكاد اللبنانيون ان ينسوا ​المحكمة الدولية​ الخاصة بلبنان التي دخلت أعمالها عامها الثامن وكلّفت حتى الان حوالي 466 مليون دولار أميركي، دفع لبنان حصته البالغة حوالي 49 بالمئة أي ما يعادل 55 مليون دولار سنويا.

ويرى عدد من المحامين والخبراء انه مع دخول عامها الثامن على جلساتها، فقدت هذه المحكمة رونقها وضعفت آمال الذين اعتقدوا أنها ستكشف حقيقة من إغتال رئيس الحكومة الأسبق ​رفيق الحريري​، كما أنها خيّبت ظن الذين اعتبروها منبرا للعدالة الدولية، والّذين كانوا اعتبروا أن تشكيلها كان الأسلوب الأسلم والطريق الصحيح لوقف العنف في المستقبل .

ومن المآخذ على هذه المحكمة أنها سَاجَلَت وسائل إعلام لبنانية وما زال بعضها عالقا دون أن تجرؤ على ما فعله بعض من الإعلام الغربي، وكانت في موقف ضعيف جدا لأن التهمة التي وجهت الى الإعلام اللبناني بأن نشره لصور عدد من الشهود تُعرّضهم للخطر وتعرقل سير المحاكمة، كان قد سبقها الى ذلك وسائل إعلام اجنبية لم تتم ملاحقتها، إضافة الى أن المحكمة لم تأخذ في عين الاعتبار من الذي سرب مثل هذه المعلومات.

ويرى هؤلاء أن الإجراءات البطيئة التي تتبعها المحكمة، وتبدل الاوضاع السياسية والإقليمية، وكذلك الاهتمامات بملفات اخرى، أدت الى تراجع واهتمام اللبنانيين بها، وأنها فقدت الوهج الذي حظيت به عند تشكيلها، حيث كان جمهور كبير من اللبنانيين يَرَوْن فيها الطريق الوحيد الذي سيؤدي الى كشف الحقيقة، ورحبوا فيها، واعتبروها خطوة مهمة للعدالة الدولية وللبنان .

ولفت الخبراء الى ان هذه المحكمة التي حدّدت مهمّتها بمحاكمة سريعة للمتهمين في قضية اغتيال الحريري و21 شخصية لبنانية اخرى، نظرا للإمكانات التي وضعت بتصرفها، وللدعم الذي حظيت به، لم تتمكّن بعد سبعة أعوام من العمل من محاكمة الاشخاص الذين حددتهم لجنة التحقيق الدولية، ولا يوجد أمامها موقوف واحد.

ويأخذ هؤلاء على المحكمة انها ركزت أعمالها على جريمة واحدة وهي جريمة اغتيال الحريري، في الوقت الذي حصلت فيه جرائم اخرى في تلك المرحلة، وان هذا التركيز على هذه الجريمة، أثّرت سلبا على نظرة المواطن العادي حيالها، لأنه أُوحِيَ له من خلال سياق الجلسات أن الهمّ الاول انحصر بمعرفة قتلة النخبة .

واشار هؤلاء انه بالاضافة الى دور الدول الكبرى في انشاء هذه المحكمة، فإن عددا من المحللين انتقدوا قرارها لانها وجهت اتهاماتها فقط الى خمسة أشخاص ثانويين من حزب الله، دون التوسّع لمعرفة من الذي اتّخذ القرار .

إضافة الى ذلك يرى هؤلاء أنّ المحكمة يجب ان تملك ادلة غير مشكوك فيها، وهذا الامر يبدو غير متوفّر حتى الان .

ويعتقد هؤلاء أنّ من جملة الاسباب التي جعلت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لا تحظى باهتمام اللبنانيين مثل ما كان الامر عند تشكيلها، هي التطورات الحاصلة في المنطقة وخصوصًا في سوريا التي بدّلت أولويات المسؤولين بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام، مشيرين الى ان اهتمام دول المنطقة اصبح بمكان آخر.

لكن مصادر في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أشارت الى ان العدالة لا بد وأنْ تتحقّق، لكن الامور تبدو صعبة، عندما لا يتمكن الناس من معرفة حقيقة مداولات المحاكمة، مشيرة الى ان لدينا مهمة علينا إنجازها.

ويرى البعض انه على المدى الطويل لا بد وان تتوصل المحكمة الى الحقيقة حول من اغتال رفيق الحريري، وهذا ربما سيأخذ بعض الوقت، ويجب ان لا نفقد الأمل وان نؤمن بالعدالة.