توحي التطورات المتسارعة في الميدان السوري وعلى أكثر من جبهة ان الحرب هناك دخلت مرحلة جديدة أكثر وضوحا. فبعدما كان اللاعبون الدوليون يدعمون من خلف الستار الأطراف المتقاتلة، أدخلوا في الاشهر الماضية جيوشهم، رسموا مناطق نفوذهم وباتوا يعلنون أجنداتهم على العلن، فالأوراق باتت بمعظمها مكشوفة، حتى أن اسقاط الرئيس السوري ​بشار الأسد​ لم يعد على سلم أولويات أعدائه من القوى الاقليمية والدولية، المنهمكة بتأمين مصالحها وضمان حصولها على قطعة من الجبنة متى حان موعد التقسيم.

قبل أيام دخلت ​اسرائيل​ على الخط. حرّكت طائراتها التي قصفت هذه المرة وبخلاف المرات السابقة مواقع عسكرية متقدمة للجيش السوري غرب مدينة تدمر، الا أن المفاجأة أتتها بصاروخ يقول السوريون أنّه أسقط احدى هذه الطائرات في الجولان المحتل. "بغض النظر اذا وقعت الطائرة ام لا، الا أن ما حصل يُعدّ تطورًا كبيرًا على الأصعدة كافة، سيجعل اسرائيل تعد للمئة قبل قصف مواقع جديدة للجيش السوري وحزب الله"، هذا ما تشدد عليه مصادر مقربة من الحزب مستغربة خروج البعض للحديث عن أن الغارات استهدفت شاحنات تقل أسلحة للحزب، لافتة الى ان "تدمر تبعد نحو 250 كلم عن الحدود اللبنانية، والمنطقة هناك بمعظمها صحراوية مكشوفة لا تنفع كخط امداد"، مضيفة: "ما تم قصفه هو مواقع عسكرية متقدمة للجيش السوري تبعد نحو 25 كلم عن المدينة، ومن شغّل منظومة الصواريخ هم السوريون وليس الحزب".

ولا تقتصر الرسائل التي وجهها "محور المقاومة" بحسب المصادر حين استخدم المنظومة المذكورة على "قرار حتمي اتخذه بالرد على كل غارة تستهدف أي من أطرافه، بل تتعداه للخلفيات العسكرية للموضوع، اذ أن ما حصل يكشف ان موسكو ساعدت دمشق بترميم منظومة راداراتها التي دُمِّرت قبل 6 سنوات كما بتطوير منظومة الصواريخ المذكورة ومدّها بمنظومة الـS300 الأكثر تطورا". وتضيف المصادر: "أما الرسالة الأهم فتكمن بأن ما لدى ايران من أسلحة ومنظومات أصبحت لدى الجيش السوري وحزب الله، وهو ما سيجعل اسرائيل المصدومة تعيد كل حساباتها".

وان كان المحور المذكور يترقّب عن كثب الحركة الاسرائيلية والأميركية باتجاه موسكو ودفعهما باتجاه محاصرة ايران، الا أنّه وبحسب المصادر "مطمئن لأن اللاعب الروسي لن يغامر ببيع المحور الذي نجح من خلاله باستعادة دوره كقطب عالمي. وهو وان تجرأ على ذلك سيعود الى الموقع الذي كان فيه قبل 6 سنوات". وتضيف المصادر: "هو تقاطع المصالح كما القوة الذاتية ما يجعلنا الاطمئنان لدينا مرتفعا".

وتتقاطع هنا وجهة نظر هذا المحور مع وجهة نظر قيادي في المعارضة السورية يعتبر ان "التعويل على صراع روسي–ايراني في سوريا بغير محله، فالطرفان بحاجة لبعضهما البعض، حتى اننا سنرى بالمرحلة المقبلة محاولات روسية حثيثة للتصدي لأي محاولة لتحجيم أو ضرب مصالح ايران".

وتخلص مصادر معنية بالملف السوري الى ان ما يحصل حاليا عملية اسقاط للأقنعة، ان كان من خلال بدء واشنطن بارسال قواتها البرية الى الشمال السوري وقبلها تركيا، ودخول اسرائيل أخيرا على الخط، لافتة الى ان سوريا ستشهد في الشهرين المقبلين مخاضا عسيرا بانت ملامحه الشهر الماضي، خصوصًا من خلال التفجيرات الانتحارية التي ضربت حمص ودمشق وسيستكمل في الاسابيع المقبلة حتى ترسيم ما تبقى من مناطق نفوذ استعدادا لمرحلة الحل السياسي.