تشعر القوى السياسية بحجم الازمة الداخلية المقبلة في حال عجزت الحكومة عن تقديم صيغة قانون انتخابي جديد. الحكومة بحد ذاتها مقصّرة. لا استنفار ولا عمل للجنة التي جرى تأليفها لبتّ ​قانون الانتخاب​ات. وكأن القيمين على مجلس الوزراء لا يريدون انتاج صيغة، او لعلمهم المسبق بالعجز السياسي عن الإتفاق. في الصالونات السياسية يدور حديث عن مصالح تتلاقى لعدم الوصول الى صيغة جديدة.

بالنسبة الى تيار المستقبل الذي بات مقتنعا بطرح النسبية، يحبذ ضمنياً البقاء على قانون الستين، لكن صيغة النسبية صارت تلائمه لحجز مقاعد نيابية لحلفائه او المحسوبين عليه مسيحياً بالدرجة الاولى. ما يعني ان خياراته محصورة اما بالقانون النافذ، أو بالنسبية، أو بصيغة مختلطة محددة كما طرح سابقاً. في حسابات التيار الازرق أعداد نيابية لها علاقة بلعبة الاثلاث في مجلس النواب التي تتحكم بالحكومة وكل مفاصل الانتخابات والسياسة. لا يريد المستقبل ان يتحكم فريق واحد او فريقين به، لابتزازه في الوصول الى الحكومة.

حزب القوات اكثر تحررا من حليفه المستقبل. لكنه رفض طرح رئيس التيّار الوطني الحرّ وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ التأهيلي، وأسرّ بذلك امام شخصيات سياسية، وسارع بعد زيارة النائب جورج عدوان الى عين التينة للحديث عن رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري لصيغة باسيل. فأوحى حزب القوات انه يريد رمي طابة الرفض في ملعب غيره.

بالنسبة الى حركة امل وحزب الله، تنسيق مفتوح بينهما اطاح بحسابات التيار البرتقالي الذي كان يراهن على موافقة عمياء من الحزب على مشروع باسيل. لكن الحزب يقول في مجالسه انه منسجم مع تطلعاته لقانون يقوم على النسبية، ولن يوافق على اهداء مقاعد مجانية لأي كان على حساب قناعاته وحلفائه ايضا في مختلف الطوائف. هنا سيأتي مشروع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يقوم على ست دوائر مع نسبية كاملة. لا يبوح رئيس المجلس بتفاصيله. لكنه بدا مستعجلاً لاعلانه، لإفساح المجال أمام النقاشات قبل ان يحل موعد الجلسة النيابية في 15 ايار.

ولنفترض ان القانون لم يولد بغياب الإتفاق السياسي!. يجزم المطلّعون في مجالسهم ان التمديد قائم وفق مشروع النائب نقولا فتوش لمدة عام. قد يجري تعديل المدة بحسب وقائع الجلسة النيابية العامة. المجلس سيد نفسه بإتخاذ اي قرار. لكن ماذا في الخفايا؟ وهل هناك مصلحة بالفراغ؟.

قوى سياسية لم تستبعد ان يكون الفراغ مطلباً لفرض مؤتمر تأسيسي. الهدف منه إعادة توزيع الصلاحيات الرئاسية والحكومية التي اوجدها اتفاق الطائف. لكن هل يقبل "المستقبل" بأخذ صلاحيات من مجلس الوزراء لإعادتها الى رئيس الجمهورية؟. هنا تبدو المعضلة التي ستواجه لبنان في حال وصل البلد الى الفراغ. العنوان يتم استحضاره في جلسات سياسية خاصة بعيدا عن الإعلام.

بعض المتابعين يسأل: لماذا طرح رئيسالجمهورية ميشال عون الآن موضوع الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية؟ رغم ان بري كان دأب في السنوات الماضيه على طرح الموضوع، منذ القاء كلمته في ندوة جامعة الكسليك وصولا الى جلسات الحوار الوطني. يومها تم اجهاض الطرح بالحديث عن وجوب الغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص. لماذا تطرح الان من زاوية النصوص، هي عنوان قائم في صلب الدستور اللبناني الذي يتحدث عن التدرّج نحو الدولة المدنية؟

لبنان في مرحلة مفصلية، دخل لعبة المساحات الحرجة. أي فراغ سيجر البلد الى مطالبات ومتاهات. لا تزال الامور قابلة لإخراج الحلول. 15 ايار بالانتظار.