إنطلاقاً من التوتر الشديد الذي يطبع العلاقات السعودية الإيرانية، لا سيما بعد مواقف ولي ولي العهد السعودي ​محمد بن سلمان​ الأخيرة، تطرح الأسئلة حول إمكانية أن يكون لبنان جزءاً من ساحات المواجهة بين الجانبين، في ظل الخلاف القائم حول قانون الإنتخابات النيابية والتهديدات المستمرة بفرض المزيد من العقوبات الأميركية على "حزب الله".

في هذا السياق، يمكن رصد تراجع حدّة الصراع الداخلي بين كل من "حزب الله" وتيار "المستقبل"، منذ الإتفاق على إنتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل الحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري، في حين أن الخلاف على قانون الإنتخاب لا يشهد أي تصعيد خاص بين الجانبين، لا بل أن كل من الحزب والتيار يسعيان إلى تقديم كل التسهيلات التي قد تساعد بالوصول إلى إتفاق.

على هذا الصعيد، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن لبنان لا يبدو من ساحات الصراع المحتملة بين الرياض وطهران، بل على العكس من ذلك توحي المؤشّرات على تحييده في الوقت الراهن، وتلفت إلى أن هذا الأمر ظهر منذ المبادرة التي تقدم بها الحريري لإنهاء حالة الشغور في الكرسي الرئاسي، وتلفت إلى أن هذا ما عبّر عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في الأيام الماضية، عبر حديثه أن الفراغ ممنوع في لبنان بقرار إقليمي ودولي.

إنطلاقاً من ذلك، تؤكد هذه المصادر أن الوضع اللبناني، لا سيما على المستوى الأمني، سيبقى مستقراً، بغض النظر عن إمكانية حصول عملية عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في جرود عرسال، وترى أن الخلاف القائم حول قانون الإنتخاب لن يصل إلى مرحلة الصدام في الشارع، بالرغم من كل التهديدات التي تطلق من بعض الأفرقاء بين الحين والآخر، وتلفت إلى أن هناك موانع كبيرة تحول دون ذلك، أبرزها إستمرار المظلة الإقليمية والدولية القائمة منذ سنوات.

على صعيد متصل، توضح المصادر نفسها أن هذا لا يعني أن الإدارة الأميركية لن تبقى مستمرة في سياستها التصعيدية تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران، بل على العكس من ذلك يبدو أن الرئيس الحالي ​دونالد ترامب​ مُصر على المواقف التي أطلقها في السابق، والتي تشير إلى خطة لمحاصرة نفوذ طهران في منطقة الشرق الأوسط، بالتعاون مع بعض البلدان العربية وإسرائيل، وتلفت إلى الجولة التي ينوي القيام بها بالمنطقة في الأيام المقبلة، حيث ستكون أول جولة خارجية يقوم بها بعد إنتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، في الوقت الراهن لا يمكن الحديث عن إمكانية عودة الإتصالات بين الرياض وطهران بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أن السعودية لا يمكن أن تقفز فوق الرغبة الأميركية على هذا الصعيد، وهي أيضاً ليس لديها أي مصلحة في ذلك، خصوصاً بعد أن وحدت إئتلاف دولي وإقليمي داعم لها، لكنها توضح أن هذا الأمر لا ينطبق على لبنان حيث "التبريد" سيبقى الصفة الطاغية على العلاقة بين "حزب الله" وتيار "المستقبل"، لا سيما أن الإنقسام الذي كان قائماً بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار لم يعد موجوداً، بينما إهتمامات التيار تنصبّ للحفاظ على شعبيته داخل البيئة السنية، في حين من المتوقع أن يقتصر الأمر على المزيد من العقوبات على الحزب.

في المحصلة، فإنّ لبنان من حيث المبدأ لن يكون جزءاً من ساحات الصراع الإيراني السعودي في المنطقة، لكن هذا لا يلغي إمكانية حصول تحوّل غير موضوع في الحسبان في أي لحظة.