استغربت أوساط سياسية جنوح الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط نحو اتهام رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ دون ان يسميه بـ"المفلس الجديد"، رغم ان اللبنانيين يعرفون جيدا كيف كانت معاملة رئيس الحكومة الراحل الشهيد رفيق الحريري المالية والسياسيّة لقسم كبير من الطقم السياسي الذي لا يزال يتحكم بمصير اللبنانيين .

وقالت هذه المصادر ان كل الناس في لبنان يدلّون بأصابع اليد على الزعماء السياسيين الذين طالتهم "مكرمات" آل الحريري خلال السنوات الماضية، وهم كثر، باستثناء قيادات "حزب الله" ورئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، قبل ان يصبح رئيسا للجمهوريّة .

ولاحظت المصادر ان رئيس الحكومة لم ينف انه من "المفلسين الجدد"، لكنه تعهد بمحاربة الفاسدين الذين نهبوا أموال الدولة، وهم يرشقون غيرهم بالفساد متناسين ان الذي "بيته من زجاج" لا يرجم الآخرين بالحجارة .

وذكرت المصادر بإنجازات بعض السياسيين الذين تحكموا ببيروت لفترة طويلة، واستباحوا ارواح الناس خلال الحرب اللبنانية للسيطرة على الأزقّة والشوارع وفرض خوّات على أهل العاصمة .

وسألت المصادر لماذا لم يعارض النائب جنبلاط قانون انشاء سوليدير، ولا يحقق بثروات أنصاره من الذين شيدوا قصورا، وهو يعلم علم اليقين خلفيّتهم الماليّة قبل التوزير وكيف اصبحت بعد التوزير؟.

وتعتقد المصادر نفسها ان شعار محاربة الفساد الذي رفعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ عودته من منفاه، ويؤكد عليه في كل مناسبة، اصبح أمرا ممكنا، اذا ما أضفنا اليه ما اعلنه سعد الحريري في الافطار الذي اقامه غروب يوم الاربعاء الماضي على شرف العائلات البيروتية، لان تصميم السلطة التنفيذية مجتمعة على اقتلاع الفساد هو اساس نجاح هكذا توجه .

ولاحظت المصادر ان معظم الذين تولّوا مسؤوليات منذ اطلاق الطائف حتى يومنا هذا اصبح لديهم ثروات لم تكن نتيجة إرث او اعمال تجارية او أرباح في اليانصيب الوطني او غيره من أشكال جمع المال، بل تكدست اموالهم من خلال وظائفهم وعلى المستويات كافة، ولا حاجة للتسمية، لكن حياتهم وطريقة عيشهم ومصاريفهم اكبر دليل على فسادهم .

وتقول المصادر ان الخلفية الماليّة لهؤلاء كانت معروفة قبل تولّيهم المناصب وأصبحت مكشوفة بعد دخولهم الوظيفة العامة والخروج منها .

واكدت المصادر نفسها ان الكلام عن محاربة الفساد يبقى كلاما في الهواء، اذا لم تبدأ السلطة باتخاذ إجراءات محددة توصل الى إثبات التهم وتحويل اللصوص الى المحاكمة واسترجاع كل ما سرقوه من خزينة الدولة.

ورأت المصادر أنّ الإجراء الاول، هو تعديل قانون الإثراء غير المشروع، بحيث يمكن لأيّ مواطن يملك دليلا واحدا على أيّ مسؤول مهما كبر شأنه ان يتقدم بدعوى، لا أن تحول الشروط التعجيزية الموجودة حاليا في نصوص هذا القانون دون اتخاذ خطوة كهذه. كما أنّ من الضروري ان يتابع المجلس الدستوري الذمّة المالية للمسؤولين بعد خروجهم من الوظيفة، لمعرفة ما اذا كانت ثرواتهم تتطابق مع مداخيلهم ومع ما صرحوا به عند تسلمهم وظائفهم .

والأهم من هذا كله برأي المصادر، تشكيل هيئة قضائيّة مستقلّة تتابع شكاوى الناس، وتراقب مداخيل الموظفين، وطريقة عيشهم، عملا بما هو موجود في الدول التي تحمي الضرائب التي يدفعها المواطن من جشع الفاسدين في الدولة .

الزعماء في لبنان اليوم يتناقشون للتوصل الى قانون عادل للانتخابات وسط تبجّح أحد الوزراء بأنه اجرى مناقصة وفق القانون، وكأنه انجاز يجب ان يُسجَّل له، مما يعني أنّ الذين سبقوه اتّبعوا أساليب تفوح منها روائح السرقة وهدر المال العام .

وخلصت المصادر الى قناعة بأن شعار محاربة الفساد لا يمكن ولا يجوز التراجع عنه مهما كانت الصعوبات، وهي كثيرة ومعقدة، قانونيا ومذهبيا وطائفيا.