حتى الساعة، لا تزال الأوضاع في البادية السورية توحي بإمكانية إندلاع مواجهة كبرى، على خلفية الصراع للوصول إلى دير الزور والسيطرة على منطقة وادي الفرات والحدود مع العراق، لا سيما بعد استهداف طائرة من دون طيار تابعة لحلفاء ​الجيش السوري​، قوات خاصة أميركية ترافقها مجموعة من فصيل "مغاوير الثورة"، أول من أمس، قبل أن يتم إسقاطها.

على هذا الصعيد، يمكن رصد 3 غارات للتحالف الدولي بقيادة ​الولايات المتحدة​، تم من خلالها إستهداف القوات الحليفة لدمشق، مقابل إستهداف آخر من جانب المحور الثاني، إلى أن تم الإعلان يوم أمس عن وصول الجيش السوري وحلفائه إلى الحدود السورية العراقية في شمال شرق التنف، لكن هل من الممكن أن تصل الأمور إلى المواجهة الشاملة والمباشرة؟.

حول هذا الموضوع، تشير مصادر مطلعة، عبر النشرة"، إلى وجوب النظر الى الدور الروسي في هذا المجال، خصوصاً أن موسكو حريصة منذ لحظة دخولها على خط الحرب السورية على عدم وقوع أي صدام مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ومن المعروف أنها لا تزال بعيدة عن دائرة المواجهة في هذه الرقعة الجغرافية، وهذا الأمر يتضح من خلال الإعلان الأميركي عن أنها كان متعاونة جداً في تهدئة الوضع قرب التنف، بما يؤكد وجود تفاهم حول ما حصل.

بالنسبة إلى هذه المصادر، حتى الآن يمكن القول أن التركيز في هذه المعركة هو من الجانب الإيراني، بهدف الوصول إلى الحدود السوريّة العراقيّة، وتأمين خطط إمداد بري من طهران إلى دمشق وصولاً إلى لبنان، وتلفت إلى أن الجانب الروسي يبدو غير معني في هذا التوجه على المستوى العملي، وتشير إلى أن لدى موسكو مجموعة من العوامل التي تأخذها في الحسبان، لا تتوقف فقط عند الرغبة بعدم الصدام مع الجانب الأميركي، بل تشمل أيضاً الموقف الإسرائيلي الواضح من هذا الأمر، حيث عبّرت تل أبيب في أكثر من مناسبة عن رغبتها في محاصرة النفوذ الإيراني في سوريا.

في الجانب المقابل، تكشف المصادر نفسها عن رغبة أميركية مشتركة مع ​روسيا​ في الحرص على عدم الوصول إلى الصدام بين الجانبين، وهو ما عبّر عنه عدد من المسؤولين المباشرين عن هذا الملف في الفترة الأخيرة، فواشنطن تؤكد بشكل دائم على رغبتها في حصر جهود مختلف الأفرقاء في الحرب على الإرهاب، وتحديداً تنظيم "داعش"، لكن هذا لا يمنع أن لديها مجموعة من المصالح التي تريد تحقيقها بالتزامن، وتلفت إلى أن هناك إتفاق مبدئي بين واشنطن وموسكو حول تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"، يحصر الجهود العسكرية بالسقف الذي يضعه الجانبان.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن تجاهل الإصرار الأميركي على نفي الرغبة في إستهداف قوات الجيش السوري والقوى المتحالفة معه، وتشدد على أن هذا مؤشر بالغ الأهمية على المسار الذي من الممكن أن تسلكه الأحداث، إلا أنها تؤكد بأن التحالف الدولي لن يسمح بتهديد مصالح القوى المتحالفة معه، لا سيما بالنسبة إلى معركة الحدود السورية العراقية.

إنطلاقاً من ذلك، تتحدّث المصادر المطلعة عن معادلة واضحة يجري رسمها على هذا الصعيد، مفادها بأن موسكو لن تدخل في هذه المواجهة بأي شكل من الأشكال، في حين أن القوى الأخرى الحليفة لدمشق ستستمر في سعيها نحو الوصول إلى الحدود السورية العراقية بشكل أوسع، في حين تتجه هي لرفع الغطاء عن "النصرة"، وتشير إلى المخاض الذي تمر به الفصائل السورية المسلحة بالوقت الراهن في محافظة ادلب بسبب ذلك.

في المحصلة، لا تزال حتى الساعة المعارك الدائرة في هذه المنطقة تحت سقف محدد بالتفاهم، أو الرغبات المتبادلة بين موسكو وواشنطن، لكن هل تقع تطورات غير محسوبة في المرحلة المقبلة؟.