تسعة أشهر مرّت على صدور نتائج ​مجلس الخدمة المدنية​ لاختبارات حارس أحراج في ​وزارة الزراعة​. مرّت هذه المدّة دون اقرار مرسوم توظيف الناجحين والمقبولين في المباراة. أكثر من مئة ناجح في الوظيفة المذكورة ينتظرون لحظة اقرار المرسوم في الحكومة، لكن دون أمل قريب لأسباب ظاهرها مجهول وباطنها طائفي.

في شهر كانون الأول من العام المنصرم، خضع ما يقارب 1690 شخصا لمباراة حارس أحراج في وزارة الزراعة نظمها مجلس الخدمة المدنية، الذي يعتبر أحد أكثر المؤسسات نزاهة في ​لبنان​. وبعد امتحانات الرياضة، وصل عدد المرشحين إلى 708 شخص. وبعد الامتحانات الخطية نجح 106 أشخاص، مع العلم أن العدد الذي كان مطلوباً هو 145. وان دلّت هذه الأرقام على شيء فهي تدل أن الاختيار تم حسب العلامات وهي دليل على نزاهة المجلس في اختيار الأشخاص المقبولين.

إذا 106 أشخاص بات من حقهم أن يتوظفوا في وزارة الزراعة، بعد اختبارات عديدة مرّوا بها، للحصول على وظيفة الفئة الرابعة المطلوبة. الا انه وحتى اليوم، وبعد مرور تسعة أشهر، لم يوظّف الناجحون في المباريات دون وجود سبب مقنع لهذا التأخير في مصير الناس.

توجه للإنتحار

يوضح مهدي زين الدين، أحد الناجحين في الامتحانات والذي ينتظر لحظة اقرار مرسوم توظيفه، عبر "النشرة"، "اننا قمنا بتشكيل لجنة لزيارة المسؤولين والسياسيين في لبنان بهدف تحريك ملفنا إلا اننا لم نلقَ آذاناً صاغية"، لافتاً إلى أن "الوعود كانت دائماً تأتينا من وزارة الزراعة بأن التوظيف سيتم في الأشهر المقبلة وأخيراً كان الوعد أن يحصل التوظيف في شهر آب، لكن حتى اليوم لم يتغير أي شيء".

ويشير زين الدين إلى أن "عدداً من المقبولين في المباراة متزوج ولديه عائلة، وينتظر لحظة التوظيف لسداد الديون المتراكمة عليه ولتأمين لقمة عيشه"، لافتاً إلى "وجود حالة كبيرة من اليأس قد انتشرت بيننا والبعض قد يتجه نحو الانتحار بسبب الوضع المأساوي الذي نعيشه، وفي ظل اقفال الجميع الأبواب بوجهنا". ويتساءل زين الدين "هل من المنطق أن يذهب سهر وتعب من درس لأجل المباريات دون مقابل؟ ومن أجل ماذا يحصل كل هذا؟ لأسباب سياسية وطائفية"؟.

توازن طائفي؟

في هذا السياق، تؤكد مصادر "النشرة"، أن "السبب الرئيسي الذي يعرقل توقيع مراسيم توظيف الناجحين في المباراة هو ​التوازن الطائفي​"، مستغربة من "وجود هكذا سبب في وظيفة فئة رابعة. فكل القوانين تنص على أن هذا الأمر لا يشمل التوظيف في الفئة المذكورة". وتكشف أن "الجهة التي تطالب بهذا التوازن هي ​التيار الوطني الحر​، الذي رفض السير في توقيع المرسوم في ظل عدم تساوي أعداد المسلمين والمسيحيين".

وتلفت المصادر إلى أنه "عند الاعلان عن المباراة، لم يتم توضيح وجود شرط التوازن الطائفي في اختيار المقبولين"، متسائلة "ما ذنب الذين نجحوا ان كان عدد المقبولين من الطائفة المسيحية هو 17 والباقين هم من المسلمين"؟.

لا علاقة لنا

من جهتها، تشير مصادر وزارة الزراعة إلى أن "الوزارة لا علاقة لها بالتوظيف فالموضوع في ​مجلس الوزراء​ وما ننتظره هو أن يتم توقيع المرسوم"، لافتة إلى أن "الأمر عالق لدى أمانة مجلس الوزراء بسبب عدم وجود اجماع سياسي عليه".

عدد من الاعتصامات نظمتها اللجنة أمام ​السراي الحكومي​ وأمام المؤسسات الحكومية، وستكون ​وزارة الخارجية​ محطّتها الجديدة اليوم، لعلّها تصل إلى أهدافها المحقة بالتوظيف لمن تعب ونجح وقُبل في امتحانات مجلس الخدمة المدنية. فإلى متى ستبقى الطائفية عائقاً أمام حصول المواطن على حقوقه؟.