أَوقف سيَّارته في مُنتصف الطَّريق، رافضًا التَّراجع قيد أُنملة بِسيّارته المدنيَّة على طريقٍ ضيِّقٍ، وَلو أنَّه سَلَك طريقَه "عَكسَ السَّير".

وَحين رَأَى أَنَّ الطَّرَف الآخر، غيرَ المُخالف، يَرفض الرُّجوع عن احترامِه شارةَ السَّير، خَطَرَت بِبالِ "الدَّركيِّ" الغَضَنفَرِ فِكرةٌ "عَظيمة": الاحتِماء بِبزَّتِه العَسكريَّةِ الأَمنيَّةِ المُرقَّطَةِ، الزِّيِّ العَسْكريِّ الرَّسميِّ لِقوى الأَمن الدَّاخليِّ، سِتارةً تَحْميه من مُخالفةٍ ارْتكبها، وَلرُبَّما يُخيفُ بِها الطَّرَف الآخرَ، أَوْ يهدِّدُه بِها، في وقتٍ كانَت حَرارةُ الجَوِّ التِّشرينيِّ في ذُروَتِها، وَ"بين تِشْرين وَتِشْرين صَيْفٌ ثانٍ"... غَطَّى صاحبُنا المُخالفةَ بِحَماقَةٍ!

غَير أَنَّ ذَكاءَه "المُفرَط" لم يَسْتِره هذه المرَّة أَيضًا، فاسْتَعان بِهاتِفه الخَلَويّ، في وقتٍ باتَ يُسمَح لِعناصر قِوى الأَمن بِتَصويرِ المُخالَفاتِ، وَتَحرير مَحاضرِ الضَّبْط... وَقد يَكون "الشَّيطان نَفْسه" أَوحى إِليه هَذه المرَّة بِتلفيقِ افتراءٍ، انْطلاقًا من الصُّورةِ، أَو لِمُجرَّد التَّهويلِ فَقَطْ. وَهو لا يَعلم أَنَّ كُلَّ الافْتِراءات لا تَحمي، وَوَحده الحَقُّ سلطان!.

وَيا حَبَّذا إِنْ أَكمل سَيْل افْتراءاتِه، لِيَنْقلب السِّحر بِالكاملِ عَلى السَّاحرِ... وإنَّ غَدًا لِناظِرِه قَريبٌ!

فَيا أَيُّها الدَّركيُّ المَجهول، لَن تَصِلَك كلِماتِي هَذهِ لأَنَّك حَتمًا لا تَقْرَأ، وَإِنْ قَرَأْتَ فَلا تَفهَم سُخْرِيتي مِنكَ، وَإِلاَّ لَكُنت قَرَأْت قَوانينَ السَّيْر وَشاراتِهِ، وَاحْتَرَمْتها كَوْنَك "الوَصيَّ" عَلَيْها، بَيْدَ أَنَّك خالَفْت الوَصِيَّةَ!

لكنَّني أَكْتُب ذَلك فِي مُحاوَلةٍ لِتَنْقيةِ سِلْكٍ أَمْنِيٍّ شَريفٍ، مِنك وَمِن أَمثالِك، وَعَلى قِلَّتِهم، وَالحَمْدُ للّه.

فَفي المُؤَسَّسَةِ مَن لا يَسمحُ بِالتَّجاوزاتِ، وَبِقِلَّةِ احترامِ "الدَّرَكيِّ" نفسه قَبل تَطاولِهِ على القانونَ كَما على المُواطِنين.

وَأَنا مِن المُطَّلعين على "دور مؤسَّسة قِوى الأَمن الدَّاخليَّ، وَالجهود الَّتي تَبْذلها" في كُلِّ اتِّجاهٍ، وَعلى تَواصلٍ مع بعضِ الشُّرَفاء المَسؤولين عَنْك بِحُكم مُمارسَتي السُّلْطة الرَّابعة، بِشَرَفٍ مِهَنيٍّ، غيرَ أَنَّني لا أُهدِّد بِلباسي وَجِهازي، وَإِنَّما بِكلامٍ لَن تَفْهَمَهُ ما حييتَ!