يبدو ان ​حزب الله​، وانطلاقا ممّا قالته مصادر نيابية مقربة من ​كتلة الوفاء للمقاومة​ بأن "المهزوم لا يفرض شروطه"، بعد تطورات الميدان السوريّة التي تعمل لصالحه، لن يتنازل عن حقّه في المشاركة بأي حكومة يمكن ان يتم تأليفها، على اثر تقديم رئيس الوزارء ​سعد الحريري​ استقالته الاسبوع الماضي .

واضافت المصادر ان لدى حزب الله خيارات كثيرة للتعامل مع التصعيد السعودي ضده وضد الجمهورية الاسلامية الإيرانية .

ويعتقد المراقبون ان قناعة الحزب أنْ لا حكومة من دونه، نابعة من أنّ هؤلاء ربطوا الموقف السعودي لاستبعاد الحزب عن الحكم في اطار الصراع القائم بين ​ايران​ والسعودية في المنطقة ككل حيث يدعم كل منهما قوى متخاصمة، سواء في ​اليمن​ او ​سوريا​ او ​العراق​ او ​لبنان​.

ويؤكد المراقبون انه لا يمكن تشكيل حكومة في لبنان اليوم من دون موافقة هذا الحزب، او المشاركة فيها، وان ​حركة امل​ و​التيار الوطني الحر​ و​تيار المردة​ لن يشاركوا في أيّ حكومة لا تضم ممثلين عنهم.

ففي الوقت الذي تنتظر الاوساط السياسية والرسمية عودة الحريري لوضع حد للتكهنات وللأزمة التي ترتّبت عن استقالة الحريري، فإنّ من ضمن الاحتمالات الواردة هي اعادة تكليف رئيس الحكومة الحالي بتشكيل حكومة تكنوقراط للاشراف على الانتخابات النيابية المتوقعة في أيار من العام 2018.

ولفتت المصادر ان من السيناريوهات الاخرى المُحتملة هي الإبقاء على الحكومة الحالية مع تعديلات طفيفة في سياستها الخارجية للتخفيف من حدة الموقف السعودي، لانه وبحسب فريق لبناني آخر، فإن الحكومة الحالية لم تلتزم بسياسة النأي بالنفس حيال أزمات المنطقة وبالتحديد حيال الازمة السورية .

ورأت ان مثل هذا التدبير في حال تم التوافق حوله، يجب ان يتبعه وقف حملات حزب الله على المملكة العربية السعودية، لكن مصادر مقربة من الحزب تشدد على انه من المستحيل القبول بمثل هذا التصور، وان مسألة تشكيل حكومة تكنوقراط صعبة ان لم تكن مستحيلة .

ولاحظ المراقبون ان الحملة السعودية على حزب الله واستقالة او "اقالة" سعد الحريري ينطوي على نوايا ضرب الإنجازات التي حققتها هذه الحكومة وهذا العهد، حيث جاءت التسوية والتفاهم بين الرئاستين الاولى والثالثة، لتخلق مناخا يتلاقى مع ما يتم تحقيقه من إنجازات ميدانية سواء في سوريا او العراق، ويعزز جبهة الصمود التي تنظر الرياض اليها بأنها تعزز الهيمنة الإيرانية على عدد من الدول العربية .

وقالت هذه المصادر ان موقف رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وبالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وموافقة عدد من القوى السياسية الفاعلة، تمكنوا حتى الان من اجهاض الخطة السعودية، عبر التضامن مع الحريري واعتبار حكومته غير مستقيلة حتى عودته الى لبنان والاطلاع منه على ظروف الاستقالة.

وتعلق مصادر وزارية امالا كبيرة على الجهود الدولية وخصوصًا الفرنسية للتوصل الى تسوية آنية للازمة الحكومية، يتبعها معالجة إقليميّة، وبالتحديد في العلاقات السعودية-الإيرانية، بهدف تحييد لبنان وإعادة الاستقرار اليه والذي كان قائما قبل هذه الاستقالة، والاستمرار في تحقيق الإنجازات التي حقّقتها حكومة الحريري خلال عام واحد تقريبا .

وحذّرت المصادر من انه في حال كان هناك توجه سعودي لكسر "الجرة بالكامل"، والإبقاء على الازمة، وعدم اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، فهذا يعني وبحسب ما حذّر منه رئيس المجلس النيابي، سيكون "انقلابا" على ​الطائف​ وعلى المؤسسات مما يهدد لبنان في أمنه واقتصاده واستقراره .