تتكتم القوى الرئيسية المعنية بصياغة مشروع حل للأزمة السياسية التي دخلتها البلاد في الرابع من الشهر الجاري مع اعلان رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ استقالته التي عاد وتريث ببتها، في التعامل مع المرحلة نظرا لدقة الوضع الداخلي والتعقيدات الاقليمية والدولية المحيطة به. وان كان الطباخون الاساسيون للحل المنشود ينشطون في أروقة القصر الجمهوري وعين التينة كما بيت الوسط، الا ان الطبق الرئيسي لن يخرج الا من مطبخ ​حزب الله​ الذي يبدو متعاونا الى أبعد الحدود نزولا عند رغبة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، اقتناعا منه بأن سيد بعبدا لن يطلب منه ما يحرجه أو يظهره مغلوبا وهو غالبٌ في الميدان!

وتكشف مصادر سياسية متابعة للحراك الحاصل ان هناك شبه تفاهم على التمسك بالتسوية التي أدّت لانتخاب العماد عون رئيسا للبلاد ومن ثم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، لافتة الى ان المخرج الذي يتم التباحث به قد يقضي باعداد ما هو أشبه بـ"ملحق" للتسوية يتم فيه وبشكل خاص تحديد مفهوم "النأي بالنفس" من جديد على ان يلتزم كل الفرقاء دون استثناء التعامل مع المفهوم المستحدث كمبدأ أساسي لاعادة تفعيل العمل السياسي والحكومي. وتشدد المصادر على وجود اتفاق على ان لا يخرج اي من الأطراف السياسيين بمظهر الخاسر او المكسور بل بالعكس على تظهير كل الأطراف رابحة من منطلق ان ما سيتحقق يخدم المصلحة الوطنية العليا.

وقد بدأ عمليا، نواب وقياديو تيار "المستقبل" يروجون لحل على أساس "لا غالب ولا مغلوب" فيما أبلغ قياديون في حزب الله سائليهم انّهم "يضعون أيديهم في مياه باردة طالما الرئيس عون هو الذي يقود المشاورات والحراك الحاصل، لحد قد يبصمون على ما يرتأيه هو مناسبا، اقتناعا منهم انّه لن يُقدم على اي خطوة تحرجهم او تصور الحزب طرفا رضخ لشروط املاها عليه طرف ما سواء كان لبنانيا او اقليميا".

وتعتبر مصادر قيادية في "​التيار الوطني الحر​" انّه "من غير المنطقي ان نطلب من حزب الله الرضوخ لتسوية تأتي على حسابه وهو الخارج من معركة ضارية في المنطقة منتصرا"، لافتة الى انّه "من السهل التوصل لحل يرضي الجميع ولا يكون على حساب أي من الفرقاء خاصة في ظل المرونة التي أظهرها الرئيس الحريري وعبّر عنها عمليا باعلانه التريث بالاستقالة، كما التعاون الذي أبداه حزب الله والذي استبق عودة الحريري باعلان أمينه العام السيد حسن نصرالله استعداده لسحب عناصره من ​العراق​ وتأكيده رسميا ان لا علاقة له على الاطلاق بما يجري في ​اليمن​ وبعملية اطلاق الصاروخ على الرياض".

وترى المصادر بقرار الرئيس عون استبدال ​طاولة الحوار​ الوطني بلقاءات ثنائية يعقدها مع قادة الاحزاب ورؤساء الكتل، "قرارا حكيما يختصر الطريق ويدل على جدية في التعامل مع الملف"، لافتة الى ان "الحوارات الوطنية السابقة أظهرت أنّها غير فعالة وبدت بمثابة مخرج لتمرير الوقت حين يتعلق الأمر بملفات لم تنضج ظروف حلها".

وبانتظار انقضاء المرحلة الأولى من "خطة العمل" التي اعتمدها رئيس الجمهورية والتي تنتهي مع انتهاء الاجتماعات الثنائية كحد أقصى يوم الثلاثاء، يُتوقع أن تنطلق المرحلة الثانية نهاية الاسبوع الجاري او مطلع الأسبوع المقبل على ان نكون في مطلع شهر كانون الأول مع "ملحق" يحفظ ماء وجه الجميع في الداخل والخارج، ويعيد وضع القطار الحكومي على السكة الصحيحة.