في الوقت الذي كانت فيه غالبية القوى تنتظر عطلة عيد الفطر، لمعرفة المدى الذي من الممكن أن يصل إليه حراك سفراء اللجنة الخماسية، خصوصاً في ظل المواعيد التي كانت محددة مسبقاً مع مجموعة من الأفرقاء، أظهرت التطورات، خلال الأسبوع الماضي، أن لبنان بأمس الحاجة إلى تسوية، تعيد إنتظام الحياة السياسية من جديد، في مقابل تسليم تلك القوى نفسها بصعوبة الوصول إليها في الوقت الراهن، بسبب التباعد الكبير في المواقف.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن حجم التوتر الذي تعيشه الساحة المحلية ليس تفصيلاً بسيطاً، بل على العكس من ذلك تظهر أي حادثة، مهما كان حجمها، أن الأمور قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة، في مشهد يوحي بوجود من يسعى إلى ذلك، على قاعدة أنه احتمال لمخرج من الواقع الحالي، أو بسبب رهانات مستمرة، منذ سنوات، على تطور ما على المستوى الأمني.

من وجهة نظر هذه المصادر، النقطة الإيجابية الوحيدة، في كل ما يحصل، تكمن بعدم وجود قرار خارجي بتفجير الأوضاع الداخلية، حيث هناك رغبة دولية في منع ذلك مهما كان الثمن، على مبدأ أن لبنان لا يستطيع أن يحتمل أي تفجير من هذا النوع، بل على العكس من ذلك المطلوب الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار، بإنتظار تبلور الظروف التي من الممكن أن تقود إلى التسوية، والتي بات من الواضح أنها لن تكون داخلية.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن على الأفرقاء اللبنانيين العمل على معالجة بعض الملفات العالقة، خصوصاً ملف النازحين السوريين، في ظل التحديات التي بات هذا الملف يفرضها على الواقع الداخلي، لكنها تحذر من أن يكون الحراك الحالي، بعد حادثة مقتل مسؤول حزب "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، مجرد "فوعة" ينتهي مفعولها بعد أيام، لا سيما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن ضرورة المعالجة، قبل أن يختفي هذا الملف من التداول من جديد.

على صعيد متصل، توضح مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن الرهان على وجود قرار خارجي بعدم تفجير الأوضاع الداخلية لم يعد يكفي وحده، بل المطلوب العمل على تحصين ذلك من قبل الأفرقاء اللبنانيين، لكنها تعرب عن أسفها لأن هذا الأمر ليس من أولويات البعض، حيث لا يزال هناك من يتعامل مع التطورات على قاعدة البحث عن تحقيق مكاسب سياسية فئوية.

وتشير هذه المصادر إلى أنه لا يمكن التقليل من أهمية التوترات القائمة على المستوى الإقليمي، خصوصاً أنها كانت قد وضعت المنطقة على حافة الإنفجار في نهاية الأسبوع المنصرم، بسبب القلق من حجم الرد الإيراني على إستهداف الجانب الإسرائيلي مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وتؤكد أن المخاطر لا تزال قائمة على أكثر من صعيد، سواء كان ذلك بسبب إحتمال أن تبادر تل أبيب إلى الرد على الرد، أو بسبب الحرب المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

في المحصلة، تلفت المصادر نفسها إلى ادراك الجميع أن مرحلة الحلول لم يحن آوانها بعد، حيث تنتظر الملفات الإقليمية العالقة الإنتهاء من ملف الحرب في غزة، لكنها تشير إلى أنه في الفترة الفاصلة من الممكن تجنيب لبنان المزيد من الإنهيارات، على المستويين السياسي والأمني، خصوصاً أن موعد الحلول قد يتأخر كثيراً في ضوء الصعوبات الحالية، وتضيف: "الأمور قد تُرحل إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غير مستعجل على إنهاء الحرب، بسبب التداعيات التي قد تنتج عن ذلك على مستقبله السياسي".