أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية ​عناية عز الدين​، في كلمة لها خلال لقاء نظمته كلية الحقوق الحقوق و​العلوم​ السياسية والادارية الفرع الاول بعنوان "قراءة في التجربة الشخصية للوزيرة عز الدين بعد سنة على توليها الوزارة"، أن "هذه الجامعة ليست تفصيلا في وطننا الصغير، هي كالجيش اللبناني، مؤسسة ضامنة لبقاء الوطن واستمرارية تطوره ونموه، لذا فهي تستحق من الدولة والقوى السياسية اهتماما خاصا، ودعما وتعزيزا في القدرات والامكانيات والطاقات، خصوصا وان لبنان الذي ينعم بالاستقرار الامني في منطقة مشتعلة يمكنه ان يؤدي من جديد دورا رياديا كجامعة للعالم العربي ومركزه التربوي المتميز"، مشيرةً الى انه "لا ينقصنا شيء لدعم الجامعة الوطنية ولدينا فيها ما يكفي من الطاقات البشرية والكفاءات الاكاديمية والادارية، جل ما نحتاجه هو ترسيخ قناعة السلطة في لبنان بأهمية هذه المؤسسة والتوجه الجدي لتقويتها وتعزيزها".

وأوضحت انه "يسعدني ان اكون في ​الجامعة اللبنانية​ من بوابة كلية الحقوق التي تتكئ على عراقة متجذرة تعود الى زمن بيروت ام الشرائع، كلية الحقوق التي خرجت مفكرين وطاقات وكفاءات في القانون والسياسة و​الاقتصاد​ في لبنان وأبرزهم رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ خريج هذه الكلية وهذه الجامعة، ما يضع الطالب فيها امام تحد كبير يتطلب منه ثقافة عالية واعدادا بمستوى عال".

كما ذكرت عز الدين أن "الجامعة بما تمثله من ركن تعليمي تربوي من جهة، والحقوق التي هي ركيزة القانون والعدالة من جهة ثانية هما جناحان اساسيان في اي عملية تنموية"، لافتةً الى ان "المطلع على تجارب الدول النامية والتي شهدت طفرة في التطور والتقدم يلاحظ دون ادنى شك ان التطور ارتكز على نهضة علمية وكذلك على منظومة حقوقية قانونية. فالحق يصبح قوة عندما يقره قانون، والقانون هو وسيلة ضرورية لانتشار العدل في المجتمعات قاطبة".

وتابعت بالقول "والحق يقال اني منذ وصولي الى الوزارة كان لدي هاجسان اثنان، الاول تحقيق التنمية المستدامة التي تشكل اليوم عنوانا اصلاحيا عالميا للنظام الاقتصادي الاستهلاكي السائد والمتحكم حاليا والتي تهدف للوصول الى واقع اكثر عدالة وتوازنا، اما الثاني فهو المساهمة، من خلال عملي وصلاحياتي، في تثبيت دعائم واسس دولة القانون في لبنان، التي هي عبارة عن نظام متكامل من القواعد القانونية المعززة بالأجهزة القضائية الفاعلة والمستقلة، والتي تتيح تنظيم المجتمع وضبط اداء السلطة وتوفير الدفاع عن الحقوق والحريات الاساسية وتعزيزها".

واشارت الى أنه "‎انطلاقا من هاتين الفكرتين او فلنقل الهمين انطلقت في عملي الوزاري مع ادراكي الكبير لواقع ​الدولة اللبنانية​ الصعب وللحدود او القيود التي تقيد عمل من يتولى المسؤولية الوزارية، ‎ولأني طبيبة فالبداية تكون بتشخيص المشكلة، ‎والتشخيص للوضع اللبناني ليس مستعصيا، والنتيجة وللأسف تدل على حالة صعبة"، موضحة أن "تراكم الازمات الاقتصادية والدخول في دائرة الدين العام المفرغة وغياب اي رؤية استثمارية للدولة تؤمن انماء متوازنا، واستشراء ​الفساد​ الذي تحول بنيويا، وتضارب المصالح الخاصة والمصالح العامة، كل هذا انتج اهتزازا في هيبة الدولة لدى المواطن. وفوق ذلك كله نظام طائفي ولاد للازمات المتتالية، ما ادى الى حالة استعصاء في اي عملية اصلاحية للنظام".

وسألت "فكيف السبيل للمعالجة وما العمل، على طريقة زياد الرحباني، ‎يكون المسؤول والوزير تحديدا امام خيارين وامام نموذجين وهما خيار الاستسلام للأمر الواقع على اعتبار ان الوضع "فالج لا تعالج"، فنصبح امام نموذج المسؤول الكسول غير المنتج، الذي يتحول الى جزء من البطالة المقنعة في البلد، نادرا ما يحضر الى عمله ولا يتابع ملفاته، والاسوأ انه يعطي المثل السيء للموظفين في القطاع العام"، لافتةً الى ان "الخيار الثاني فهو خيار احب ان اسميه "خيار فتح المسارات"، ما يجعلنا امام نموذج الادارة القائدة المسؤولة المبادرة، وذلك بهدف تخفيف اللاتوازن في النظام القائم، وهذا الخيار في الحقيقة هو ترجمة لمبدأ ينادي به دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ويمكنني ان اقول ان اكثر كلمة رددها على مسمعي منذ تسميتي للموقع الوزاري هي العمل ثم العمل ثم العمل".

وذكرت أنه "‎في ملف مكافحة الفساد يمكن القول اننا باشرنا وطبعا بما تسمح به الصلاحيات المتواضعة للوزارة- بتعزيز مأسسة مكافحة الفساد، لابد هنا من شرح السياق التاريخي للملف، منذ العام 2011 تأسست اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الفنية المعاونة لها برئاسة وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، وتضم هاتان اللجنتان أبرز الوزارات والهيئات المعنية بالوقاية من الفساد ومكافحته. وقد انضم مؤخرا الى اللجنة الوزارية وزير الدولة لمكافحة الفساد الزميل نقولا تويني ،وانضم الى اللجنة الفنية ممثل عنه".

‎كما نوهت عزالدين الى أن "عملية المأسسة بدأت بالتشريعات التي ساهمنا في وضع اقتراحات قوانين حولها ليقرها المجلس النيابي وبالفعل في شهر شباط من هذا العام اقر قانون الحق في الوصول الى المعلومات، وهذا قانون هام جدا وننتظر اقرار القانون المتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبحماية كاشفي الفساد (whistle-blower)، وبالتصريح عن الذمة المالية ومكافحة الإثراء غير المشروع، وغيرها من النصوص التي تشكل بنية تحتية اساسية لمكافحة الفساد في اي بلد من البلدان "، لافتةً الى انه "بالتوازي مع العمل على البنية التشريعية انجزنا مسودة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ونحن بصدد اعداد المخطط التنفيذي لها، وهذه الاستراتيجية تعتمد المنهجية القطاعية التي تقضي بالتعرف على القطاعات الاكثر عرضة للفساد ووضع سياسات وقائية واصلاحية لها، وهكذا نكون قد انتقلنا بملف مكافحة الفساد من الطابع التقني الفني البحت الى ربطه بالبعد السياسي له بما ينعكس على مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ". أما في موضوع النفايات أشارت الى ان "النفايات في لبنان وكما بات معلوما هي أزمة خطيرة ولا ابالغ اذا قلت انها لا تقل اهمية وخطرا عن الأزمات السياسية والامنية التي تعصف بنا من فترة الى اخرى"، موضحةً أن "مكمن الخطر هو معدل الكثافة السكانية في لبنان الذي بلغ الـ 600 فرد في الكيلومتر المربع الواحد بحسب ما اعلن فخامة رئيس الجمهورية في خطابه في الامم المتحدة، هذا الرقم خطير ويجب ان نفهم دلالاته وانعكاساته على كل المستويات ومن ضمنها مشكلة النفايات".