عاد "التوتر" ليسود الساحة اللبنانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، بفعل "تسريبة" فعلت فعلها بعنوان "الأمر الواقع"..

و"الأمر الواقع" هنا يعني أن يعمد رئيس الحكومة المكلف ​تمام سلام​ لاعلان تشكيلة "ترضي ضميره"، دون أن يأخذ "رضا" مانحيه "الثقة" عليها، وذلك بعد أن وصلت "المفاوضات" حول التشكيلة إلى "حائط مسدود"، بظلّ إصرار الرجل على "صيغته" التي لا تمنح أيّ فريق "الثلث المعطّل"، ذلك الثلث الذي يصرّ عليه فريق الثامن من آذار للدخول إلى الحكومة باعتباره "ضمانة" لا بدّ منها..

وفيما كانت البلاد تعيش "تداعيات" هذه "التسريبات" خصوصا بعد أن حدّد يوم الثلاثاء موعدا لـ"الأمر الواقع"، "حط" عرّاب الحكومة ورئيسها، رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب ​وليد جنبلاط​، في السعودية في زيارة بدت لافتة شكلا ومضمونا، وبدا أن من نتائجها "ترحيل" موعد الثلاثاء "المبدئي" إلى موعد آخر يُحدّد لاحقا، لـ"يتلقّف" رئيس المجلس النيابي نبيه بري المبادرة، متحدثا عن "دوحة لبنانية" يعدّ لها من مجلس النواب.

الأمر الواقع... واقع؟!

حكومة الأمر الواقع، عبارة عادت إلى "الصالونات السياسية" خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد غياب "قسري" عنها بعيد تكليف النائب تمام سلام تأليف الحكومة، التي وصفها بـ"حكومة المصلحة الوطنية"، علما أنّ مصادر سياسية وجدت "تناقضات جمة" بين مصطلحي "الأمر الواقع" و"المصلحة الوطنية".

وعلى وقع "تسريبات الأمر الواقع"، أتت ردود قوى الثامن من آذار بالجملة، فحذر رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون من تداعيات هذه الخطوة، التي اعتبرها"عملا انقلابيا"لم تحصل في السابق، فيما تناوب قياديو "حزب الله" من التنبيه من "مغامرة" من هذا النوع، مرفقين ذلك بدعوة لـ"عدم تجربتنا"، كما قال.

أما رئيس الحكومة المكلف تمام سلام فحرص على إعطاء "مفهومه" الخاص لمصطلح "الأمر الواقع"، إذحكومة الأمر الواقع، التي يرفضها، هي برأيه حكومة الثلث المعطّل، وهو حرص على تأكيد رفضه المطلق لمنح أيّ فريق كان هذا الثلث، باعتبار أنه أثبت "عدم جدواه"، كما قال، علما أنّ الرجل حرص على إبلاغ زوّاره أنه منفتح مع الجميع ولم يوقف اتصالاته مع أحد.

بين الرياض والدوحة..

وسط زحمة "الأمر الواقع"، كانت لافتة شكلا ومضمونا الزيارة التي قام بها رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط "المفاجئة" إلى السعودية، حيثالتقى الأمير بندر بن عبد العزيز ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهي زيارة تمّ ربطها بالمستجدات الحكومية، وكأنّ "البيك" ذهب إلى الرياض لتلقف "كلمة السر"، رغم حرص السعودية الدائم على تأكيد عدم تدخلها بملف تأليف الحكومة لا من قريب ولا من بعيد.

وإذا كانت خطوة "الأمر الواقع" قد رُحّلت لموعد لاحق، كما أشارت المعطيات السياسية، فإنّ اللافت أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري واصل حملته على "الوسطيين"، حيث أبلغ زواره أنّدوره الوسطي يخوّله الحصول على وزير إضافي يضاف إلى الوزراء الثمانية الذين وافق رئيس الحكومة المكلف على إعطائهم لفريق الثامن من آذار، بل إنّ بري ذهب لحدّ انتقاد سلام مباشرة بتساؤله عن حجم كتلته النيابية، "إذا سلّمنا جدلا بوسطيته"، على حد ما نقل زواره عنه لـ"النشرة".

في الموازاة، تتّجه الأنظار إلى الجلسة النيابية العامة التي دعا إليها بري يوم الأربعاء لبحث ​قانون الانتخاب​، حيث أعلن بري أمام زواره أنهسيقيم "دوحة لبنانية" في ساحة النجمة، مشيراً إلى تعمّد تحديد الموعد عند الحادية عشرة قبل الظهر وعند السادسة بعده لإجراء مشاورات. وعما حُكي عن محاولات لتعطيل الجلسة في حال طُرح "الأرثوذكسي"، إكتفى رئيس المجلس بالقول: "من يعاكس جهودي يخسر ومن يسير معي يربح".

كلمة أخيرة..

يقول المعنيون بالشأنين الانتخابي والحكومي أنها المرة الأولى التي يقرّر اللبنانيون أمورهم بأنفسهم، دون وصاية أو رعاية خارجية..

يفترض أن يدفع ذلك للفخر، ولكنّ الواقع لا يشي بشيء من ذلك، إذ إنّ اللبنانيين لم يثبتوا، في حال صحّت هذه النظرية، سوى "عجزهم"، حتى انتصر "الأمر الواقع" على "المصلحة الوطنية" كما تكاد "المصالح الفئوية" على "التوافق المستحيل"..

ولكن، وقبل إصدار الأحكام، على اللبنانيين أن يتأكدوا من صحة النظرية من أصلها، فرئيس الحكومة المكلف سمّي خارج لبنان، وعرّابها استدعي بالأمس إلى الخارج نفسه.. فأين الحقيقة؟!