على الرغم من كل الأجواء التي أشيعت عن التوجه إلى إعلان حكومة أمر واقع بدعم سعودي، بعد زيارة رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط إلى المملكة، جاءت ساعات النهار لتؤكد أن هذا الأمر ليس وارداً حتى الآن، والبارز على هذا الصعيد هو زيارة رئيس الحكومة المكلف ​تمام سلام​ إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وتكتسب زيارة سلام لبري أهميتها باعتبار أنّ أي زيارة لسلام إلى عين التينة لم تسجّل منذ تكليف سلام تأليف الحكومة، وهذا الأمر تحدث عنه بري من باب العتب أكثر من مرة في الفترة الأخيرة. واللافت أنّ هذه الزيارة حصلت بالتزامن مع عودة جنبلاط من السعودية، الأمر الذي اعتبر مؤشرا على أن المملكة شجعت هذا الأمر، بعكس ما حاول البعض الإشارة إليه عن أن "البيك" عاد بقرار يقضي بالذهاب نحو تشكيل حكومة أمر واقع في أسرع وقت، حيت تشدد مصادر مطلعة على أن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وتنفي ما كان يقال عن إعلان الحكومة خلال ساعات، وتوضح أن الإتصالات والمشاورات لا تزال قائمة.

وتشدد مصادر مطلعة على أجواء تأليف الحكومة على أنها باتت مريحة أكثر بعد هذا اللقاء، وتنفي تحديد سلام أي موعد لإعلان الحكومة، وتوضح أن وسائل الإعلام هي من حددت المواعيد التي ذكرت، وتشير إلى أن سلام لم يقل في أي وقت أنه يريد تشكيل حكومة أمر واقع، بل على العكس من ذلك هو يريد حكومة ترضي جميع الأفرقاء، وحريص على التشاور مع الجميع، ويريدها سياسية من غير الحزبيين والمرشحين للإنتخابات النيابية ولا تضم أسماء إستفزازية.

وفي هذا السياق، تؤكد أوساط متابعة أن النائب جنبلاط عاد بأجواء تفيد بضرورة الحفاظ على الإستقرار الداخلي، كما سمع كلاماً عن ضرورة تأجيل الإعلان عن التشكيلة الحكومية، على الرغم من تشديدها على أن هذا الأمر يبقى مرتبطاً بمجريات الجلسة النيابية التي ستعقد يوم الأربعاء، أي أن الذهاب نحو إقرار مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي يستدعي رداً حكومياً من قبل قوى الرابع عشر من آذار لا العكس.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الأمور على الصعيد الحكومي لا تزال عالقة عند صيغة 8-8-8 التي جرى الحديث عنها أكثر من مرة في الفترة السابقة، لكنها لا تفرض على القوى الساسية، بل سيتم العمل على التسويق لها مع تقديم المزيد من الضمانات لقوى الثامن من آذار من قبل رئيس الحكومة المكلف ورئيس جبهة "النضال الوطني".

وتؤكد مصادر أخرى أن التوجهات السعودية على الساحة اللبنانية لا تزال تقوم على أساس الحفاظ على الإستقرار الأمني والسياسي في الخطوط العريضة، مع ترك الأمور تحت هذه العناوين إلى الإتصالات بين الأفرقاء المحليين، ما يعني أن الذهاب نحو حكومة أمر واقع مع ما يعنيه هذا الأمر لا تشجع عليه في الوقت الحالي.

على صعيد قوى الثامن من آذار، تؤكد مصادرها أن الأجواء التي تم الحديث عنها في الساعات الأخيرة كانت مضخمة نوعاً ما، حيث تشير إلى أن معطياتها تؤكد أن الدور السعودي في لبنان حريص على التفاهمات، وتلفت إلى أن هذا الدور يعول عليه من أجل المساعدة على الصعيد العام في المنطقة لا فقط في لبنان، وتوضح أن المملكة غير مستعدة للمخاطرة بهذا الدور الإقليمي الذي عادت إليه من أجل الدفع نحو خطوة ناقصة في لبنان.

وتلفت إلى أن التوجه نحو فرض أمر واقع على الصعيد الحكومي يعني من الناحية العملية فرض أمر واقع على صعيد قانون الإنتخاب، والنتيجة ستكون بكل تأكيد إنفجار على الساحة اللبنانية لا يريده السعودي بأي شكل من الأشكال.

ومن جهة ثانية، توضح أوساط مطلعة أن لا موعد محددا لزيارة سلام إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان غداً، مع إشارتها إلى أنه لا يحدد في العادة موعداً قبل وقت طويل، وتشدد على أن الرئيس يفضل تشكيل حكومة ترضى عنها جميع القوى السياسية، وتتوقع أن تأخذ التشكيلة الحكومية أكثر من يوم بعد، مع تأكيدها أن الأمور قد تكون مرتبطة بسير جلسات المجلس النيابي يوم الأربعاء، مع أن المصادر المطلعة على أجواء عملية تأليف الحكومة نفت هذا الأمر نفياً مطلقاً.