قبل أسابيع قليلة، كانت الأوساط السياسية والأمنية اللبنانية تتخوف من 3 بؤر أمنية قابلة للإنفجار في أي لحظة، وهي مدينة طرابلس وبلدة عرسال و​مخيم عين الحلوة​، لكن الوضع اليوم تبدل إلى حد بعيد في منطقتي الشمال والبقاع، لا سيما بعد البدء بتنفيذ الخطة الأمنية التي تم التوافق عليها بين الأفرقاء المختلفين على طاولة مجلس الوزراء.

وبعيداً عن الكثير من الملاحظات التي رافقت تطبيق الخطة الأمنية في طرابلس، والتي من المتوقع أن ترافق تطبيقها في البقاع، تؤكد مصادر فلسطينية متابعة، في حديث لـ"النشرة"، أن مخيم عين الحلوة بدأ باعادة ترتيب أوضاعه قبل ذلك، لا سيما من خلال توقيع المبادرة المشتركة بين مختلف القوى الهادفة إلى حماية الوجود الفلسطيني في لبنان.

وتشير المصادر الفلسطينية إلى أن زيارة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد إلى لبنان تندرج في هذا الإطار، بالإضافة إلى أهدافها الثلاث الأساسية: إطلاع القيادة الفلسطينية في لبنان والقوى السياسية اللبنانية على نتائج زيارة الرئيس محمود عباس إلى واشنطن، عقد لقاءات مكثفة مع فصائل منظمة التحرير والقوى الفلسطينية الأخرى من أجل تفعيل مختلف مؤسسات المنظمة، وترتيب البيت "الفتحاوي" في ظل المعركة السياسية المفتوحة مع الجانب الإسرائيلي مع هذه المرحلة الحساسة.

وتلفت المصادر إلى أن الشق الأمني شكل جزءاً أساسياً من مباحثات الأحمد، وكان هناك تشديد على ضرورة حفظ أمن المخيمات وأمن الجوار، وعلى نسج علاقات مميزة مع مختلف القوى اللبنانية، وعدم القبول بوجود أي جسم غريب داخل المخيمات، والتنسيق الدائم مع الأجهزة الأمنية عبر قنوات فلسطينية محددة، وتشدد على أن كل ذلك يندرج في إطار سياسة النأي بالنفس عن كل الخلافات والنزاعات الإقليمية والمحلية.

وتشدد المصادر على أن التوافق السياسي الفلسطيني ساهم بنسبة 60% بضبط الوضع الأمني في عين الحلوة، لكنها تشير إلى أن ذلك لا يعني أن ليس هناك مخاوف من حصول أي تطور سلبي في المستقبل، لا سيما أن المخيم يتأثر بالأوضاع التي تكون قائمة في لبنان والبلدان المجاورة، كما أن العناصر التي كانت تعمل على توتير الأوضاع لا تزال موجودة، إلا أنها ترى أن هناك نوعاً من رفع الغطاء عنها بشكل كامل من خلال إعلان مختلف القوى الإسلامية تحريمها الإقتتال الداخلي وعمليات الإغتيال التي كانت تحصل في المخيم.

ومن هذا المنطلق، تشير المصادر الفلسطينية المتابعة إلى أن أي جهة تشعر بأن لا أحد سيتضامن معها بحال أقدمت على أي عمل أمني ستراجع حساباتها بشكل كبير، وذلك يؤدي إلى تراجعها عن الأعمال التي كانت تقوم بها في وقت سابق، وتشدد المصادر على أن الموضوع يأتي بالدرجة الأولى نتيجة قرار سياسي حاسم من قبل القوى الإسلامية والوطنية داخل المخيم، خصوصاً أن الأوضاع لم تعد تحتمل حصول المزيد من التوترات، وبالتالي هذا الأمر كان من الضروري القيام به، لا سيما بعد أن وجهت الإتهامات إلى المخيم بالوقوف وراء مختلف الأحداث الأمنية التي حصلت على الساحة اللبنانية.

في المحصلة، تؤكد المصادر أن الأجواء التوافقية التي ساهمت إلى حد بعيد بالوصول إلى إقرار الخطة الأمنية لبنانياً، كانت قد ساهمت قبل ذلك بالتوافق على حفظ أمن المخيمات بين القوى الفلسطينية، خصوصاً مخيم عين الحلوة، وتؤكد أن موضوع القيادي في حركة "فتح" محمود عبد الحميد العيسى "اللينو" لا يشكل خطراً على أمن المخيم، نظراً إلى العديد من الأسباب، ولكن هل يستمر هذا الوضع طويلاً؟