في قداس عيد الميلاد الفائت، وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان حاضراً في بكركي لمعايدة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خاطبَهُ البطريرك الماروني مطالباً بتأليفِ حكومةٍ جديدة ميثاقية، ووضعِ قانونٍ للإنتخابات، وإعدادِ الإستحقاقِ الكبير بإنتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجمهورية في موعده الدستوري.

وفي أكثر من مناسبة، كان البطريرك الراعي يُكرِّرُ المطلبَ جهاراً بوجوب إنتخاب رئيسٍ جديدٍ في موعده الدستوري.

بعد ثلاثة أشهر على هذه الواقعة، وفي إستهلال برنامج الإعلامي الناجح مرسال غانم كلام رئيس عن الإنتخابات الرئاسية، والذي كان ضيفُهُ الأول الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، حثّ سيّد بكركي الرئيس نبيه بري على دعوة النواب لجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية الإثنين المقبل بدل الجولة على المرجعيات والقول إنَّه لن يتأمَّن النصاب، كما دعاه إلى فتح الجلسات وعدم الإنتظار من أجل حلول الفراغ. وقال:

إذا قام الرئيس بري بفتح البرلمان الإثنين سيتمُّ إنتخابُ رئيسٍ للجمهورية قبل 15 أيار المقبل.

في البرنامج ذاته لم يقتصر الحثّ على الرئيس بري بل على النواب إذ خاطبهم قائلاً في حال لم يكن النوابُ على مستوى إنتخاب رئيس ستأتي بكركي بإستطلاعات للرأي يقرِّرُ فيها الناس رئيسَهُم المقبل.

أول من أمس حدَّد الرئيس نبيه بري موعد جلسة الإنتخابات، ثم رفَعَ سمَّاعةَ الهاتف وإتَّصَلَ بغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وأبلَغَهُ في الإتصال عن موعد الجلسة في الثالث والعشرين من نيسان الحالي، وأنَّه تمَّ تحديدُ الموعدِ نزولاً عند رغبتِهِ.

يستطيعُ البطريرك الراعي اليوم أن ينام ملء جفونه بعدما أَوْصَلَ الإستحقاقَ إلى ما أَوْصَلَهُ إليه.

فهو بدايةً قَطَعَ الطريقَ على التمديد، فلم يعُد أحدٌ يتحدَّث فيه، ثم قَطَعَ الطريقَ على محاولاتِ تمريرِ المهلةِ الدستورية من دون تحديد موعدٍ، فجاء تحديد الموعد. هكذا يمكن القول إنَّه أوْصَلَ سفينةَ الإستحقاقِ إلى شاطئ أمان الموعد، والآن جاء دور المجلس النيابي والنواب الكرام للقيام بدورهم الفعَّال.

بكلِّ فخرٍ وإعتزاز، وعن قناعة، نستطيع أن نقولَ إننا واكبنا خطوات غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي:

من إعلان الموقف من رفض التمديد، إلى إعلان الحثّ على تحديد موعدٍ للجلسة، إلى جمع الأقطاب الموارنة الأربعة ثمَّ لاحقاً إلى جمع سائر الشخصيات وبينهم مرشحون غير معلنين، فما هو مطلوبٌ منه بعد ذلك وأكثر من ذلك؟

نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيكون في لبنان الأربعاء المقبل، أي اليوم الذي حدَّدَهُ الرئيس بري لجلسة إنتخاب الرئيس، لكن في اليوم التالي سيتوجَّه إلى روما للمشاركة في حفل تقديس البابوَين يوحنا الثالث والعشرين ويوحنا بولس الثاني، ومن الفاتيكان يتوجَّهُ إلى فرنسا ليرئسَ الإحتفالات السنوية للمزار المريمي في سانت لورد، ويعود بعدها إلى لبنان بإذن الله في 6 أيار المقبل.

من اليوم وحتّى موعد الجلسة، الأربعاء المقبل، يبدو الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مواكباً لأدقِّ التفاصيل ومرتاحاً، فهو أَوْصَلَ الإستحقاقَ إلى برِّ الأمان من دون أن يكون لغبطته صُدقاً وبكلِّ إقتناع أيُّ مرشح، مرشَّحُهُ الوحيد رئيسٌ لكلِّ لبنان يُنتَخَب وفق الأصول الدستورية في المواصفات التي حدَّدَها في وثيقة بكركي، لا كلمة إضافية ولا كلمة ناقصة، ومَن يقول غير ذلك فإنه لا يعرف شفافيةَ غبطَتِهُ.

الأربعاء المقبل موعد جلسة الإنتخاب، قد تكون الأولى ولن تكون الأخيرة حسب مصادر مطّلعة وهذا المرجَّح، لكنَّ غبطةَ الكاردينال الراعي واعٍ لأدقِّ التفاصيل وبأدقِّ التفاصيل وصولاً إلى أن يكون للجمهورية رئيس قبل الخامس والعشرين من أيار المقبل.

لقد نجح سيّد بكركي حتى الآن في إثنتين:

- إسقاطُ خيارِ التمديد.

- الدفعُ في إتجاهِ تحديدِ الجلسة ضمنَ المهلةِ الدستورية.

فلماذا لا ينجح في الثالثة، وهي ثابتة، التوصُّل إلى إنتخاب رئيسٍ للجمهورية اللبنانية قبلَ إنتهاءِ المهلةِ القانونية؟

إنَّه كاردينال الإصرار فلا أحد عليه التعاطي مع غبطته إلاّ على هذا الأساس، بمعنى إيصال لبنان معافى نحو المئوية.