في الأيام الأخيرة، عادت سلسلة جبال لبنان الشرقية إلى الواجهة من جديد، على ضوء المواجهة التي حصلت بين مقاتلين من "حزب الله" وتنظيمات متطرفة منضوية تحت لواء قوى المعارضة السورية. وبدأ الحديث من جديد عن معركة كبيرة تشهدها المنطقة، التي باتت تشكل تهديداً أمنياً خطيراً لقرى وبلدات البقاع الشمالي، بعد فرار أعداد كبيرة من المسلحين إليها على ضوء المعارك التي شهدتها منطقة القلمون السورية.

في حقيقة الأمر، لم تبدأ حتى الساعة المعركة الحاسمة في السلسلة الشرقية. ما حصل في الأيام الأخيرة هو عبارة عن مواجهة بين الجانبين، على خلفية هجوم شنته المجموعات المسلحة على نقطة عسكرية مستحدثة تابعة لـ"حزب الله"، ما دفع عناصر الحزب إلى القيام بعملية سريعة تستهدف المجموعات المهاجمة، لكن هذا لا يعني أن الأمور إنتهت عند هذا الحد.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مطّلعة أن موضوع "تنظيف" هذه المنطقة من المسلحين بات أمراً ضرورياً، لكنها تشير إلى أن ذلك يحتاج إلى بعض الوقت، ولا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها كما يعتقد البعض، نظراً إلى طبيعة المنطقة وإلى أعداد المسلحين، بالإضافة إلى تواجد نازحين معهم، وبالتالي من المفترض أخذ كل هذه الأمور بعين الإعتبار قبل القيام بأي خطوة، لا سيما إحتمال تعاون بعض الجهات اللبنانية معهم.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن هؤلاء يشكلون خطراً كبيراً على الأمنين اللبناني والسوري معاً، وهم ليسوا خارج حسابات ​الجيش السوري​ و"حزب الله"، لا سيما أنهم يستخدمون المنطقة من أجل شن هجمات باتجاه الداخل السوري، ويسعون إلى تنفيذ عمليات في الداخل اللبناني، وتؤكد أن العمل على معالجة هذا الوضع قائم، لكنها تشير إلى أن ذلك سيكون على مراحل.

وتوضح المصادر نفسها أنه في ظل الغارات العسكرية التي يقوم بها الطيران الحربي السوري بشكل شبه يومي، يعمل "حزب الله" على منع المسلحين من تحسين أوضاعهم الميدانية، وفي هذا الوقت يتم التحضير من أجل الإنطلاق بعملية عسكرية تقوم أيضاً على مبدأ القضم المعتمد في مختلف المناطق السورية، الذي يقضي أولاً بتقسيم منطقة العمليات إلى أكثر من قسم.

وعلى الرغم من إعتراف المصادر بصعوبة الأوضاع هناك، تشير إلى أن من غير الممكن ترك الأمور على ما هي عليه، وبالتالي القرار بالتعامل معه بشكل حاسم سيتخذ قريباً، لكنها تلفت إلى أن من الضروري الإنتقال إلى مرحلة عالية من التنسيق الأمني اللبناني السوري الرسمي، خصوصاً أن العمليات تجري في أراض تقع أغلبها تحت السيادة اللبنانية، وتؤكد أن هذا الموضوع سيفرض نفسه على بساط البحث، حيث من غير الوارد أن تستمر السلطات المعنية بتجاهل الواقع القائم، وتشدد على أن الجانب السوري يأخذ كل الإحتياطات اللازمة، وبالنسبة له من غير المسموح أن تشكل هذه الرقعة الجغرافية أي تهديد فعلي عليه بعد اليوم، خصوصاً بعد أن عانى كثيراً في الفترة السابقة منها.

في المحصلة، تؤكد المصادر أن المعركة واقعة لا محالة، لكنها تشير إلى أن موعدها لم يحن بعد، وترى أن من الضروري على السلطات اللبنانية أخذ القرارات اللازمة في أسرع وقت ممكن، كي لا تجد نفسها أمام واقع جديد لا تستطيع القيام أمامه بأي أمر.