- عندما يشق مواطنون في بلد من بلدان العالم عصا الطاعة على نظام الحكم فيها ويحملون السلاح بوجه قواته الشرعية ويعلنونها ثورة، ويكون النظام موالياً للغرب يصير اسمهم عصابات مسلحة كما هي حال كولومبيا، وعندما يكون النظام مناهضاً للغرب ويجند المرتزقة بالسلاح ضده، يصير اسم العصابات ثواراً كما هي الحال مع عصابات الكونترا، وعندما يكون النظام بعيداً عن الأمن الأميركي يصير هؤلاء متمردين، كما هي حال الصحراء المغربية أو وزيرستان الباكستانية أو كشمير الهندية، لكن عندما يكون النظام مناهضاً لـ«إسرائيل» وداعماً للمقاومة كما هي حال سورية، فيصبح القتلة ثواراً يجب دعمهم وتسليحهم وتمويلهم وتأمين الأموال لهم، وتستجلب الأساطيل لنصرتهم وتشن الحروب لحسابهم، أما إذا كان شعب بكامله يناهض «إسرائيل» واحتلالها وعدوانها، ويمتنع عندما يدخل مستوطناتها عن إصابة أي من مستوطنيها بالأذى، ويسجل في حرب مقاومته نسبة مئة في المئة من العسكريين، بينما قتلت «إسرائيل» نساءه وأطفاله وعجزت عن مقاوميه، فيصير كل الشعب إرهاباً ويصير القتل «الإسرائيلي» دفاع مشروع عن النفس.

- عندما يقع ضحايا مدنيون في حادث يقال إن سلاحاً فتاكاً قد استخدم فيه، وتطلب الدولة المعنية تحقيقاً دولياً فعالاً ومحايداً، كما جرى في خان العسل قرب حلب في سورية، يتباطأ العالم ويتردد في التحقيق، حتى يحين أوان الإدعاء بحادث مشابه جرى تصنيعه لاتهام الدولة نفسها، أي سورية بارتكابه كما جرى في غوطة دمشق، ليخرج للتداول مصطلح عدم الإفلات من العقاب، وعندما تسقط طائرة في حادث غامض كما جرى في سماء أوكرانيا، وتجد دول الغرب فرصة لاتهام مجموعات صديقة لموسكو بالحادث، يخرج مجدداً مصطلح عدم الإفلات من العقاب، كل ذلك قبل أن يخرج أي تحقيق بأي نتيجة، أما عندما تتركب «إسرائيل» مجازر موصوفة بحق المدنيين العزل والنساء والأطفال يسقطون مضرجين بدمائهم، فتخرج دعوات وقف العنف ويسقط مصطلح عدم الإفلات من العقاب ومثله الحاجة الملحة للتحقيق.

- عندما يقع في بلد كليبيا اشتباك بين نصفين متساويين من الشعب والجيش والمسلحين منقسمين شرقاً وغرباً، ويكون من في الشرق مدعوماً من العالم الغربي لأن المطلوب سقوط الحاكم الذي لا يلبي دفتر شروط المرحلة الأميركية، تنعقد الجامعة العربية وتتوجه لمجلس الأمن لاستصدار قرار بالتدخل العسكري، ويوفر العرب التمويل ويشترون السلاح وتنطلق ألسنة الفضائيات الممولة من أنظمة لا دساتير ولا قوانين فيها تبشر بالشعب الذي يكتب ثورته، وتشترك دول عربية عدة بحرب ضروس تقتل الآلاف من الناس الأبرياء وتدمر مقدرات ومنشآت هذا البلد، وعندما تصمد سورية وتثبت وتبدو الحرب عليها ميؤوساً منها، يقرر الحكام العرب إخراجها من الجامعة، وإغلاق سفاراتهم لديها، ويصبون كل سفالاتهم عليها، ويصيرون ضباعاً كاسرة، لهم مخالب وأنياب وأظافر، ويطلبون ويبررون حرباً عالمية ضدها، وعندما تأتي الأساطيل يطبلون ويزمرون، وعندما ترحل بلا حرب يبدأون بالعويل والنحيب، وعندما تشن «إسرائيل» حربها على غزة وتدمر وتقتل يتباهون بأنهم نعاج، فلا فتاوى ولا جهاد ولا سلاح ولا مال ولا طلب تدخل، ويصير سقف مطلبهم الوساطة عندما تحتاجها «إسرائيل»، والوساطة ممنوعة بين سورية ومعارضتها التي قاموا بتمويلها وتسليحها، لماذا؟ لأن المعني هنا «إسرائيل».

- أن تكون «إسرائيلياً» يعني أنّ ثمة قاموساً دولياً عربياً خاصاً في التعامل مع كلّ ما يخصّك، ويعني أنك فوق القانون الذي يسري على الآخرين، وأن ثمة قانوناً خاصاً يسري عليك، لكن في زمن المقاومة، أن تكون «إسرائيلياً» يعني أنك ستهزم ولو وقف معك كل هؤلاء المتحولين من ضباع إلى نعاج ومن نعاج إلى ضباع، فالمتحولون لا يحسبون بين الإناث ولا بين الذكور، والمتحوّلون لا مكان لاحتسابهم في خانات دفاتر الأسود.

- سيُهزمون يعني سيُهزمون.