حتى الساعة، لا يمكن الحديث عن مساعداتٍ عسكريةٍ جديةٍ تقدَّم من أيّ دولة إلى ​الجيش اللبناني​، رغم كلّ بيانات الدعم والتأييد التي تصدر من هنا وهناك، فالمؤسسة العسكرية تعوّدت على مدى سنوات طويلة سماع مثل هذا الكلام، الذي لا يتحوّل إلى حقيقة على أرض الواقع، لا بل من الممكن القول أن المساعدات التي تقدَّم من بعض الدول إلى الجماعات الإرهابية تفوق بأضعاف تلك التي تُعطى للجيش.

الجميع يعترف اليوم بأنّ لبنان يواجه خطر تمدّد المجموعات الإرهابية إلى أراضيه، حتى أنّ الأفرقاء المحليين، المتنازعين على أيّ تفصيل، يعترفون بهذا الخطر المحدق بالبلد منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكن ليس بيدهم حيلة، فلبنان حتى لو كانت لديه الإمكانيات لشراء السلاح لا يملك سلطة القرار المستقل ليقدم على ذلك من دون موافقة بعض القوى الإقليمية والدولية.

منذ المواجهة التي خاضتها وحدات الجيش في عرسال، قبل أقل من شهر، كان قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي واضحاً بأن مواجهة الإرهاب تتطلب الحصول على أسلحة ومعدات وتقنيات غير متوفرة عند المؤسسة العسكرية اليوم، لكن المواجهة الثانية وقعت من دون الحصول عليها، رغم الوعود التي قدمت من أكثر من جهة، لا سيما المملكة العربية السعودية التي لا يملك أحدٌ القدرة على تحديد موعد وصول هبتها الأولى من الأسلحة الفرنسية، والولايات المتحدة الأميركية التي تعلم علم اليقين أنّ ما تقدّمه لا يمكن الإعتماد عليه في أي مواجهة.

"كل يوم تأخير لا يصب في مصلحة المؤسسة العسكرية"، هذا ما تؤكد عليه مصادر متابعة لهذا الملف، حيث تشير إلى "أن الخطر يكبر يوماً بعد آخر، والمواجهة إن لم تقع اليوم ستقع غداً"، وتلفت إلى أن كلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كان واضحاً، وتؤكد أن هناك مسؤولية كبيرة على عاتق مجلس الوزراء في هذا المجال، خصوصاً أن السلطة هي المسؤولة عن البحث عن مصادر أخرى في حال لم تقدم الحالية ما هو مطلوب من أجل إنجاز المهمة، مع العلم أن التجربة معها غير مشجعة على الإطلاق، فالجميع يعلم أنها هي نفسها من كانت تمنع تزويد المؤسسة العسكرية بالسلاح المتطور والثقيل، وتذكر بهذا الإطار عدم تقديم دولة الإمارات العربية طائرات الغازيل إلى الجيش اللبناني، في العام 2007، قبل إزالة منصات الصواريخ عنها، وتسأل: "هل هي فعلاً تريد تقديم السلاح؟" وتشدد على أن هناك مصادر أخرى، وتذكر بأن مصر، عندما حاولت الولايات المتحدة الضغط عليها سياسياً عبر تعليق مساعدتها العسكرية، ذهبت إلى روسيا لمعالجة هذا الخلل.

من ناحية أخرى، تسأل المصادر نفسها، في حديث لـ"النشرة"، عن الأسباب التي تحول دون فتح بعض الدول العربية مستودعاتها، خصوصاً السعودية ومصر، لإرسال مساعدات عاجلة إلى الجيش اللبناني، لا سيما أنها تشتري السلاح منذ سنوات طويلة ولا تستخدمه في أي مواجهة، وتشير إلى أن ذلك سوف يخفف من العوائق الروتينية التي تؤخر وصول ما يتم الحديث عن الإتفاق على شرائه من بعض الدول، وتعتبر في ذلك حلاً مفيداً يمنع الوصول إلى المواجهة الثالثة بالإمكانيات نفسها.

وتؤكد هذه المصادر أنه، في حال كانت هناك رغبة جدية بتسليح الجيش لمواجهة الجماعات المتطرّفة في هذه الحرب، يجب أن تكون الأسلحة المقدمة من العيار الثقيل والمتطوّر، كما يجب أن تكون وفق الطلبات المقدمة من المؤسسة العسكرية التي تعرف جيداً ما الذي تحتاج إليه في هذه المرحلة، لا على معيار المسموح به من إسرائيل.

في المحصّلة، المساعدات العسكرية التي يتم الحديث عنها حتى الآن، "مضحكة" و"مبكية" في الوقت عينه، وتستطيع بعض المجموعات اللبنانية الخارجة عن القانون أن تقدم أفضل منها.