العلاقات بين المختارة ومعراب تشبه إلى حد كبير حياة القطط، فإذا كانت الأخيرة تمتلك سبعة أرواح، فالعلاقات بين وليد بك والحكيم كانت دائماً مشوبة بسوء التفاهم والاعجاب المتبادل بينهما على حد قول مصادر وسطية في 14 اذار. فرغم انضمامهما إلى ثورة الأرز سابقاً ورفعا سوية الشعارات الاذارية من استقلال وسيادة وسواها ردحا من الزمن، فلم يبق عالقاً في ذهنيهما سوى العداء المشترك للنظام السوري. وبقيت العلاقات قائمة عن بعد، فلا جنبلاط يقارب معراب ولو تلميحاً أو تصريحاً وفي المقابل لم يكترث جعجع للتجاهل الجنبلاطي ولم يكلف نفسه يوماً عناء الرد على الزعيم الدرزي كما يفعل مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. واللافت أن جنبلاط الذي تموضع لصيقا بالثنائي الشيعي اقترب أيضاً من الزعيم السني الرئيس سعد الحريري لكنه بقي بعيداً عن الساحة المسيحية المليئة بالطموحات لقادتها والمشاكل فيما بينهم.

وتتابع المصادر فجأة وبسحر إقليمي وعلى إيقاع الضجيج والفوضى الخلاقة في المنطقة، قرر وليد بك اقتحام المنطقة الشرقية سابقاً والساحة المسيحية حالياً. فهو رغم المشاعر غير الودية قرر عن سابق تصور وتصميم لقاء «الأقوياء» في الطائفة المتهالكة عدداً ونفوذاً. والقادة في المقابل قرروا فتح الصفحة الجديدة معه، كل وفقاً لتصوره واجندته. فاستمع جنبلاط إلى وجهات النظر حيث انعدمت الرؤية الموحدة. فكان كل زعيم عند المسيحيين يغني على مواله رغم أن التطورات الداهمة لا تسمح بهذا الترف من الطموح الشخصي. ومن هذا البرج البابلي المسيحي خرج وليد جنبلاط خائفاً خصوصاً انه عقد الآمال العريضة على بناء جبل لبنان مجدداً بين الدروز والمسيحيين.

اذا وليد جنبلاط ختم زياراته للقادة الأقوياء في الطائفة المسيحية. وكانت الأخيرة إلى معراب حيث توجت بغداء سعى اليه المضيف في محاولة لإزالة الكيمياء المتنافضة، أو ربما الممالحة تعيد الإبن الضال إلى ساحة الحرية.وكانت الكتب المتبادلة تحمل العناوين الموجهة والهادفة، فرغم الاتفاق المسبق على نوعية الهدايا ، لكن العناوين للكتب جاءت لتحي التاريخ العالق بين الرجلين. والمصادر المطلعة على التفاصيل التي رافقت الزيارة وعلى مضمون الأحاديث التي جرت تؤكد بأن حضور غازي العريضي يؤشر إلى أن للقاء صلة، فالعريضي رجل الملفات وهو خبير بمتابعتها مما يؤكد على جدية اللقاء وان المتابعة اللاحقة هي أولوية لدى الزعيم الاشتراكي. وتعتبر الأوساط أن حضور العريضي، الذي يزور معراب للمرة الأولى، تأكيد لدى فريق معراب بأن اللقاء ليس عابراً. وفي المقابل وجد فريق معراب بضرورة تغييب النائب جورج عدوان منعاً لأي استفزاز لجنبلاط. خصوصاً أن الأخير لم يحسم أمر الترشيحات بشكلها النهائي في الشوف.

اذا العدة جاهزة لمتابعة الملفات بين معراب والمختارة تؤكد المصادر، فإذا كان العريضي حافظ الأسرار وأمين السر الناجح في نقل وتنفيذ رغبات الزعيم الدرزي وطريق دمشق بيروت تشهد على حسن التدبير والتنفيذ والتعبير للوزير العريضي ، فأهل الشام الفاعلين في النظام ما برحوا يسألون :وينو غازي. وفي المقابل عين الدكتور جعجع النائب أنطوان زهرا لمتابعة العلاقات مع التوصية بضرورة النجاح كما نجحت العلاقات القواتية مع الحزب الاشتراكي على مستوى القاعدة والناشطين التي قامت بفضل المثابرة والاشراف للوزير أكرم شهيب. واللافت من خلال زيارة معراب كان الارتياح باد على النائب وليد جنبلاط من خلال الأثر البيئي للمنطقة حيث تتشابه التلال المحيطة باحراشها بالاشجار على الطرقات المؤدية إلى قصر المختارة التي يرعى جنبلاط نموها شخصياً.

هذا في الشكل أما في المضمون .خصوصاً السؤال عن السبب الحقيقي للزيارات الجنبلاطية للقيادات المسيحية، تجيب المصادر بأن جنبلاط قرر سد النوافذ التي منها قد تلفح طائفته. ولأجل ذلك أوثق الروابط مع الثنائية الشيعية. ولم ينتظر فتح الأبواب السعودية أمامه بل ذهب مباشرة الى الرئيس سعد الحريري ليقيم معه حلف الضرورة ولو بالحد الأدنى. وتوجه إلى الساحة المسيحية باعتبار أن المساحين الدوليين سحبوا الخرائط من الادراج وبدأوا في توزيع الكيانات على المذاهب والطوائف، وجنبلاط يضع في الحسبان أن الدروز طائفة فاعلة لكن باعداد قليلة لن يعطيها صناع القرار مساحة لها ككيان مستقل تحت الشمس، وتضيف الأوساط بأن وحدة الدروز مع المسيحيين قد تعيد إليهم إمارة جبل لبنان الغابرة، لكن السؤال الذي بقي عالقاً هل وجد وليد جنبلاط القيادات المسيحية جاهزة لعصر الطوبوغرافيين الذين يتجولون في الانبار وحول بغداد مروراًً بالرقة ودمشق والجولان وصولاً إلى البقاع الغربي ومزارع شبعا.