كما هي العادة في لبنان، ينقسم اللبنانيون بين معارض ومؤيد لأي قضية مطروحة مهما كانت واضحة وسهلة ، فكيف إذا كانت بحجم الهبة العسكرية التي عرضتها إيران لتسليح الجيش اللبناني. فرغم العرض السخي المتضمن فتح المخازن الإيرانية على مصراعيها وعلى كامل الأنواع التي يحتاجها ويريدها الجيش اللبناني في حربه الطويلة ضد الإرهاب، وجدت هذه العروض السخية اعتراضات ادارية برفضها على اعتبار أن لبنان يلتزم تطبيق القانون الدولي القاضي بالحظر على الصادرات الإيرانية. «حجة ما بتقلي عجة»باللغة اللبنانية الدارجة تقول اوساط في فريق 8اذار التي سألت : هل صحيح أن قوى 14اذار تريد حقيقة تسليح الجيش أم أنها تحولت إلى بوليس دولي يريد حماية قرارات مجلس الأمن ولو على حساب الجيش الوطني. وتضيف في الأمس القريب ، قامت الطائرات الأميركية «سى 130» بالقاء الاسلحة بالمظلات إلى القوات الكردية في مدينة كوباني المحاصرة.

وتلفت المصادر عناية فريق 14 اذار إلى أن السلاح المنقول جواً بالطائرات الأميركية هو سلاح ايراني. اذاً فليطمئن ثوار الأرز، فواشنطن «انتهكت» قبلهم القرار الدولي عندما نقلت بطائراتها 24 طناً من الذخائر والأسلحة الإيرانية إلى الأكراد، واشارت ان الحكومة العراقية موالية للولايات المتحدة تلقت اثر اجتياح الموصل شحنات كثيرة من السلاح الايراني النوعي ولم تلق العملية اي اعتراضات او تهديدات ومسعود البرازاني حليف اميركا وتركيا حالياً استقبل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وقائد فيلق القدس وقاسم سليماني وصرح ان ايران الدولة الوحيدة التي امدته بالاسلحة بعد تهديد «داعش» باجتياح اربيل.

وتتساءل الاوساط في ​8 آذار​ لماذا لا يسمح للبنان بالحصول على دعم ايراني لا يتعارض مع القرارات الدولية لان هذه القرارات لا تذكر الهبات المالية والعينية بدون مقابل فقط تتعلق بالشراء والمبادلة والبيع، ام ان المطلوب ابقاء الجيش اللبناني ضعيفاً ومكسور الجناح في الوقت الذي تستعمل المنظمات الارهابية على حدوده اسلحة نوعية لا يمكنه هو الحصول عليها؟ كما تسأل الاوساط: ماذا لو ان هذه الاسلحة التي لم يسمح لها بالوصول الى مخازن الجيش اللبناني وصلت الى ايدي الشعب اللبناني ؟ ما دام سكان المناطق الحدودية مع سوريا معرضون ومتروكون الا من الجيش شبه الاعزل والمقاومة المستهدفة حتى في دفاعها عن اهلها، ألن تؤدي غاية مرجوة وملحة ؟ وماذا ستفعل الدول الخارجية اذا وزع السلاح على ابناء هذه المناطق ليدافعوا عن انفسهم؟ أليس الاجدى والافضل ان يحصل الجيش على كل مساعدة ممكنة وغير مشروطة ما دامت المليارات السعودية دخلت في دهاليز السمسرات الدولية؟

انه عصر الواقعية، تضيف الأوساط في 8 اذار، في زمن ينخرط فيه الجميع لمحاربة الإرهاب ،والوقائع المثيرة حصلت على الحدود التركية السورية التي شهدت قبولا وازعاناً تركيين للانخراط في الحلف الدولي، فتجاهلت تركيا لشروطها وارغمت على التعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره جزءاً من ارهابيي حزب العمال. وفي المقابل تجاهلت واشنطن تاريخها الحافل مع طهران وقبلت أن تكون الدولة الشاحنة للسنة ايران. هذا الكلام نسرده، تقول المصادر، أمام شركائنا في الوطن لنعود جميعاً إلى الواقعية والعمل بمنهجية تؤدي إلى قيام الدولة الفاعلة والقادرة على محاربة الإرهاب فبدلا من ارسال الوزير سمير مقبل الوافد الجديد إلى السياسة وصاحب الخبرة المتواضعة، كان على حكومة لبنان أن ترسل وفدا متمرساً يفاوض نظيره الايراني المحنك. كما أن على المعترضين أن يحولوا جهودهم من الرفض للهبة الإيرانية إلى إقناع القوى الإقليمية الرافضة الأساسية لأي تقديمات إيرانية بقبول هذه الهبة، لا سيما ان خلايا الارهاب النائمة جاهزة لتفجير الاوضاع في معظم العواصم الاقليمية.