حكاية قانون الانتخابات لم تصل الى خواتيمها السعيدة بعد... بل ربما لن تصل اذا ما استمر النقاش الدائر حوله على هذا المنوال من المماطلة والمحاحكة في آن معا.

الرئيس بري غير مطمئن للاجواء التي سادت في لجنة التواصل النيابية المكلفة مناقشة قانون الانتخاب، وقد عبر عن ذلك اكثر من مرة في الـ 24 ساعة الاخيرة بعد ان وضعه النائب علي بزي في اجواء وتفاصيل الاجتماع الاخير للجنة، وبعد ان تسربت له معلومات غير مشجعة حول مواقف بعض الاطراف والكتل.

وفي «لقاء الاربعاء» النيابي امس لم يخف خشيته من ان يتكرر الدوران في حلقة مفرغة داخل اللجنة، كما حصل في المرحلة السابقة، مع العلم انه استبق اجتماعاتها من باب اخذ الحيطة بتحديد مهلة شهر لعملها، ولذلك خرج النواب بانطباع الاسبوع المقبل يفترض ان يكون حاسما.

يقول الرئيس بري ان هناك اسبابا عديدة تجعله متوجسا وغير مرتاح من الاجواء المحيطة بنقاش قانون الانتخاب اكان داخل اللجنة ام خارجها، لذلك ركز مع بعض اعضاء اللجنة الذين حضروا لقاء الاربعاء على وجوب حسم النقاش وعلى الجدية في درس القانون المختلط المقدم من النائب علي بزي الرامي الى انتخاب نصف اعضاء المجلس على اساس النسبية في المحافظات الخمس والنصف الاخر على اساس النظام الاكثري في الاقضية الـ24.

وحسب ما ينقل عن رئيس المجلس فانه يخشى مما ورده بان التيار الوطني الحر يحاول ربط نقاش وحسم قانون الانتخاب بمصير الطعن، الذي قدمه الى المجلس الدستوري، مذكرا بان التيار كان قد ابدى استعداد لمناقشة السير في قانون يعطي المسيحيين حقهم في اختيار ممثلهم بشكل افضل، مع تأكيدهم في الوقت نفسه على ان القانون الارثوذكسي يؤمن افضل تمثيل.

اما في خصوص طلب التيار عقد جلسة عامة لتفسير المادة 24 من الدستور، فيقول الرئيس بري انه اجرى مشاورات مع الكتل لهذه الغاية ولم تستكمل نتائجها بعد لكي يدعو الى مثل هذه خصوصا انها تحتاج لنصاب الثلثين.

ويشرح في هذا المجال سبب الحاجة الى الثلثين بان تفسير الدستور هو عمليا تعديل دستوري ضمني، وبالتالي فان نصاب جلسته يفترض ان يكون كنصاب التعديل، عدا انه لتفسير مواد الدستور علينا ان نقرأه كله لان هناك حاجة لمعرفة الموقع والغاية من وضع كل مادة.

وينتظر الرئيس بري معرفة اجوبة بعض الكتل للدعوة الى مثل هذه الجلسة المهدد نصابها الامر الذي يفرض على الجميع الانكباب على درس القانون المختلط الذي يتضمن المناصفة بين النظامين الاكثري والنسبي للوصول الى الصيغة المرضية.

والى جانب ذلك تقول مصادر نيابية، ان هناك محاولة لتشعيب النقاش في اللجنة حول مشاريع اخرى، فعلى سبيل المثال هناك محاولة لطرح اقتراح «القوات اللبنانية» الذي يعتمد انتخاب 60 نائبا على اساس النسبية و68 على اساس الاكثرية على انه مدعوم منهم ومن تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي مع العلم ان الحزب كان ابدى تجاوبا مؤخرا مع المناصفة بين النسبية والاكثرية كما ينص اقتراح بزي.

ولان النائب مروان حماده الذي يمثل اللقاء الديموقراطي في لجنة التواصل قد تغيب عن اجتماعي اللجنة ولم يكن حاضرا في الاجتماع الاخير، فان حسم هذا الموضوع ترك لحين حضوره.

وبرأى الرئيس بري، كما ينقل زواره، ان القانون المختلط الذي ينص على انتخاب 64 نائبا على اساس الاكثري و64 نائبا على اساس النسبي هو افضل صيغة مطروحة في المختلط لتحقيق التمثيل المسيحي الاحسن وضمان تمثيل وطني ايضا من خلال اعتماد النسبية مع الاكثرية.

ويشير الى ان الاقتراح المذكور يؤمن انتخاب 53 نائبا من النواب المسيحيين الـ64 باصوات المسيحيين بالدرجة الاولى، ويبقى 11 يأتون باصوات المسلمين والمسيحيين. بينما يؤمن انتخاب خمسين نائبا مسلما باصوات المسلمين بالدرجة الاولى، ويبقى 14 يأتون باصوات المسيحيين والمسلمين.

وبغض النظر عن تفاصيل النقاش الذي جرى حتى الان في لجنة التواصل النيابية يخشى الرئيس بري مثل هذه المماحكات في ان تهدر وقت ومهلة اللجنة دون التوصل الى صيغة موحدة، وبالتالي الذهاب الى الهىئة العامة لمناقشة والتصويت على كل الصيغ المطروحة.

وتقول مصادر نيابية مطلعة ان تأمين نصاب مثل هذه الجلسة العامة امر مشكوك فيه ايضا اذا لم يكن هناك توافق مسبقا على صيغة القانون الجديد للانتخابات، وبالتالي فان حكاية هذا القانون ستبقى مثل حكاية ابريق الزيت، في ظل استمرار مثل هذا التجاذب وفي غياب الارادة المشتركة لحسم لهذا الملف الاساسي للاصلاح السياسي.