في ظلّ مناخ الحوارات التي تعمّ البلاد، من حوار "حزب الله" مع "تيار المستقبل" إلى حوار رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، تُطرح في الأوساط السياسية معلومات عن السعي للإنطلاق بحوار ثالث على الساحة السنية، يضمّ الشخصيات والقوى الوازنة، من دون أن يتمّ الحديث عن هذا الأمر، بشكل علني، من قبل أيّ جهة، إلا أنّ الزيارة التي قام بها رئيس تيار "الإعتدال اللبناني" النائب السابق ​مصباح الأحدب​، قبل أيام، لرئيس حزب "الإتحاد" الوزير السابق عبد الرحيم مراد، سلطت الأضواء على هذا الطرح.

المعلومات التي حصلت عليها "النشرة"، من مصادر موثوقة، تفيد بأن الأحدب هو من العرابين لهذا الطرح، وتشير إلى أنّ الموضوع جرى بحثه مع مراد بشكل مفصّل، وتلفت إلى أنّ الأمر ربما يكون نابعًا من الإبتعاد الحاصل، بين النائب السابق الطرابلسي و"تيار المستقبل"، على خلفية الإنتقادات التي وجهها إلى التيار في الفترة السابقة، بسبب طريقة تعامله مع بعض الملفات.

ولا تخفي هذه المصادر القول أن الأحدب لا يزال يوجّه في مجالسه الإنتقادات إلى "المستقبل"، بالرغم من سعيه إلى إنجاح المبادرة التي يقوم بها، والتي بدأت من الزيارة التي قام بها إلى أحد أركان قوى الثامن من آذار البارزين على الساحة السنية، والتي يتحدّث عن أنها من المفترض أن لا تستثني التيار، خصوصاً أنها ليست موجهة ضده، بل هي تتضمن الإنطلاق في حوار يناقش القضايا الوطنية، التي من الممكن الوصول بها إلى رؤية موحدة، لا سيما أن هناك الكثير من الثوابت التي ينبغي أن تكون محسومة في الشارع السني، في ظل التهديدات التي يواجهها مع إنتشار موجة التيارات التكفيرية والإرهابية في المنطقة.

في هذا السياق، توضح مصادر مطلعة من قوى الثامن من آذار، لـ"النشرة"، أن المعطيات المتوفرة لديها تفيد بأن الأحدب يسعى إلى عقد مؤتمر يضم الشخصيات الوازنة على الساحة السنية، إنطلاقاً من أنه لا بد من إعادة ترتيب الشارع، حتى لو كان هناك تباينات في النظرة إلى الكثير من القضايا.

وعلى الرغم من الإيجابية التي تبديها، تشير هذه المصادر إلى أن هناك صعوبات كثيرة ستواجه، إلا بحال تم إستثناء "المستقبل" منها، لأنه لن يقبل من خلال هذا المؤتمر الإعتراف بتمثيل هذه الشخصيات والقوى، خصوصاً أنه يدعي تمثيله وحده لأكثر من 90% من هذا الشارع، وبالتالي هو حكماً لن يقدم هذا التنازل من دون وجود أسباب موجبة تضغط عليه.

وتكشف هذه المصادر أنّ الأجواء التي تتحدّث عنها، تنطلق من معلومات حصلت عليها عن طرح ممثلي التيار في إحدى جلسات الحوار مع "حزب الله" وقف دعم القوى والشخصيات الفاعلة في أماكن نفوذه، إلا أنها تُصرّ على أن لا مانع لديها من الذهاب إلى هذا الحوار، خصوصاً إذا ما كان لديه أهداف وطنية تساعد في دعم الإستقرار الداخلي والسلم الأهلي.

في الجهة المقابلة، تشير مصادر التيار إلى أنها سمعت بالمسعى الذي يقوم به رئيس "الإعتدال اللبناني"، لكن بحسب معلوماتها لم تتبلغ قيادات "المستقبل" بأيّ أمر رسمياً، ولا تتوقع على هذا الصعيد أن يكون له أي صدى في المرحلة الراهنة.

من دون الدخول في التفاصيل، ترجح هذه المصادر، لـ"النشرة"، أن لا يكون التيار معنيًا بأي جبهة أو لقاء مذهبي جديد، فهو يرى أن الأهم، بالنسبة إليه، الرؤية العابرة للطوائف الموجودة داخل قوى الرابع عشر من آذار.

وتنفي مصادر "المستقبل" أن تكون المشكلة في الحوار مع قوى التيار على النقيض معها من الناحية السياسية، لا سيما أن هناك جلسات تعقد مع "حزب الله"، بل في أن يكون هناك طابع مذهبي له، وتوضح أن الحوار مع الحزب ينطلق من تمثيل الجانبين الحزبي، وتشدد في هذا الإطار على أن لا مشكلة بأي حوار على الصعيد السياسي الوطني.

في المحصلة، لا تبدو أن فرص نجاح هذه المبادرة متوفرة، في الوقت الحالي على الأقل، فهناك الكثير من العوائق التي تعترضها، وربما يكون ذلك يمنع طرحها بشكل علني وواضح، حيث الموضوع لم يتبلور بعد بصورته النهائية بحسب مصادر متابعة له.