هل صحيح أنّ الحروب أخطر من أن يتسلّمها رجال السياسة فقط؟

إذا كان هذا القول صحيحاً فإنَّ ما يتبعه هو صحيح أيضاً وهو:

إنَّ الحروب لا تندلع بالتحاليل ولا تُخاض بالتنظيرات.

واقعُ الأمر أنَّه كلَما وقعت حادثة أو عملية، حتّى تبدأ النظريات والتنظيرات تتوالى من كل حدبٍ وصوب، من عارفين وغير عارفين ومن منظِّرين وغير منظِّرين، فهل هؤلاء يجلسون في عقول أصحاب القرار ليعرفوا ماذا يدور فيها؟

وإذا كانوا لا يجلسون فيها فلماذا يُتعِبون أنفسهم ويخلقون حالةً من الرعب والهلع في صفوف الناس؟

نقول:

راجعوا الدّراسات المعمّقة والتي تتمتّع بدرجة عالية من الصدقية، وبعيداً عن إطلاق الآراء الإرتجالية، وبعد ذلك تأتي خلاصاتكم المبنية على الدّراسات وليس على الآراء:

من الدّراسات المعمَّقة أنَّ ما قامت به اسرائيل يُشير الى أنّها لا تريد الإتفاق النووي الأميركي - الإيراني الذي يبدو أنَّ موعده اقترب من حزيران الى آذار، وهذا الإقتراب لم يكن ليتحدّد لو لم تكن هناك معطيات إيجابية تؤشِّر الى أنّه سيتم، وأنّ المسألة هي مسألة إخراجٍ له مرتبطة بظروف. كلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ الإتفاق حاصل ولم يُعلن عنه لأسباب وظروف خاصة بالطرفين، ولهذا فإنّ اسرائيل تعمل على عرقلة هذا الإتفاق من خلال التشويش عليه عبر توقيت ما تقوم به، لكن يبدو أنَّ الإتصالات العاجلة بين واشنطن وطهران سيكون من شأنها وضع حدٍّ لهذه الرغبة أو الأمنية الإسرائيلية من خلال سحب الذريعة من يدها.

ومن التقارير التي لا يرقى إليها الشكّ أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يريد أن يبقى في سدّة رئاسة الحكومة على نار حرب محدودة، وهذا الكلام هو إتهامات يوجهها إليه خصومه فيُذكِّرون بأنّه وصل للمرة الأولى الى رئاسة الحكومة بعد نيسان 1996، وهو يحاول أن يكرّر السيناريو ذاته بعد أحد عشر عاماً.

ثم كيف تكون هناك حرب إذا كان الجميع يفتِّش عن تسوية سياسية في سوريا؟

فهناك طاولة حوار ستُعقَد بعد فترة في القاهرة وتقول المعطيات إنَّ جولة الرئيس المصري السيسي في دول الخليج تطّرقت إلى هذا الموضوع.

وهناك طاولة حوار الأسبوع المقبل في موسكو، وانطلاقاً من كلِّ هذه المعطيات مجتمعةً فإنه لا مصلحة لأحد في التصعيد. فهل من يصرّ على الحرب بهذه المعطيات أم يصرُّون على قراءة أمنياتهم؟

هناك صفقة كبيرة تُحضَّر، ولن يكون لمصلحة أحد إعطاء إسرائيل ترف عرقلتها، وعدم الرد عليها سيُفوِّت عليها إمكانية العرقلة.