يشنّ التحالف الدولي بقيادة أميركا غارات جوية على داعش لتزويدها بالأسلحة، فيعلن عن 10 غارات أو 20 غارة في سورية والعراق، في مساحة لا تقل عن 200000 كلم2، ما يجعل هذه الضربات بمنزلة "دغدغة" تثير ضحك "داعش" وأمرائها، وخداع الرأي العام والاستخفاف بعقله، والأكثر من ذلك أن تركيا (عضو الناتو والقاعدة الأميركية في المنطقة بالتضامن والتكافل مع العدو الإسرائيلي) ما زالت تشكّل الشريان الحيوي والاستراتيجي لـ"داعش" وبقية الجماعات الإرهابية والتكفيرية، سواء على المستوى الاقتصادي من خلال شراء النفط الذي تسرقه "داعش" والتموين والحاجات المعيشية والطبابة للجرحى، أو عبر الإمداد البشري بقوافل "الداعشيين" الذين يأتون من أصقاع العالم إلى محطة الترانزيت التركية قبل عبورهم للالتحاق بـ"دواعش" سورية والعراق.

تضاف إلى ذلك المساعدة الأميركية عبر عدم حجب الاتصالات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي عن "داعش"، فلم تبادر أميركا وإدارة "الفايسبوك" و"تويتر" وغيرها إلى إغلاق صفحات الترهيب والوحشية التي تبثّها "داعش" لنقل ما تقوم به من جرائم ضد الإنسانية وكنوزها التراثية والثقافية، بل تسهّل لها الاتصالات وعمليات تجنيد الفتيات والشباب في أوروبا، لتأمين الاحتياط البشري لها، بالتلازم مع إعداد مجموعات إرهابية في أوروبا لاستخدامها في الوقت المناسب للضغط على الدول الأوروبية أو العربية التي لا تخضع للإدارة الأميركية، كما حصل في فرنسا (شارلي إيبدو)، وكما حصل في الشيشان قبلاً، ويبدو أنه سيبدأ من جديد في روسيا وآسيا الوسطى بعد اغتيال المعارض الروسي قرب الكرملين.

القصف الأميركي لـ"داعش" لا يقتلها، بل يمدّها بالأوكسيجين الضروري للبقاء تحت السيطرة، لتنفيذ المخطط الأميركي لتقسيم المنطقة، والتحالف الدولي هو لخداع ومنع الذين قهرتهم "داعش" من المبادرة للدفاع عن أنفسهم وأوطانهم، وبقاء مصيرهم معلقاً بين مطرقة "داعش" وسندان التحالف الدولي، وبالتالي فعلى الشعوب والأنظمة أن تفرّ من نار "داعش" إلى جهنم أميركا والتحالف الدولي، ضمن خطة منسّقة تصبّ خيراتها في خزائن الإدارة الأميركية، فتأخذ أجرة عملياتها العسكرية من دول الخليج لتحميهم من "داعش" التي يموّلها الخليج والفكر "الوهابي"؛ في عملية خداع أميركية بعنوان "قتال المشروع الإيراني الفارسي والتبشير الشيعي والنظام العلوي وقتل الأقليات المسيحية وغيرها"، وهذا الخداع - المؤامرة ما يزال مستمراً منذ أربع سنوات في ما يسمى "الربيع الأحمر العربي"، الذي لا يبدو أنه سينتهي قريباً، بل سيتنقّل كالإعصار المدمّر من بلد عربي إلى آخر، بعد تدمير مقومات الدولة ونهب الثروات والإرث الحضاري، وتخريب الوحدة الوطنية والدينية والإنسانية.

التحالف الدولي والمظلة الأميركية هما حزام الأمان لإنقاذ "داعش"، وقد صرّح الأميركيون أن حملتهم لا تهدف إلى القضاء على "داعش"، بل لتحجيم اندفاعها الميداني، و"بشّروا" المنطقة (خلاف الحقيقة) بأن هزيمة "داعش" تحتاج إلى عشر سنوات أو أكثر، كما هي الحال في أفغانستان ضد "طالبان" أو "القاعدة" في اليمن، وأن القوى الوطنية من جيش وقوات شعبية لا تستطيع محاربة أو هزيمة "داعش" إلا بالمساعدة الأميريكية والغربية، عبر تشريع الأبواب للاحتلال الأميركي، وباستجداء رسمي وشعبي، فتعيش الشعوب والحكومات في منظومة الرق الاستعماري الأميركي، والوصاية الدائمة من خارج مجلس الأمن والأمم المتحدة، نظراً إلى "الفيتو" الروسي والصيني.

هذا ما خططت أميركا له عبر كلب الصيد "الداعشي" وأخواته من الجماعات التكفيرية الأوفياء لسادتهم الأميركيبن، والخائنين لأهلهم وأوطانهم، لكن قوى التحرير والمقاومة صمدت وأفشلت المشروع الأميركي، وها هي قوى المقاومة تستعيد المبادرة وتبدأ بهزيمة "داعش" و"النصرة" والحزام الأمني "الإسرائيلي" في الجولان، وتحرير أراضي العراق وتحمي لبنان.. الرضاعة الأميركية لـ"داعش" لن تجدي نفعاً.