أشار مصدر مصرفي في حديث إلى "الأخبار" إلى ان لقاءات مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب دانيال غلايزر مع المسؤولين في القطاع المصرفي اللبناني، قبل نحو عشرة أيام، ركّزت على وجود المصارف اللبنانية في دول المنطقة، وخصوصاً تركيا والعراق، وعلى علاقاتها مع المصارف المحلية هناك. كذلك عبّر عن الخشية من أن يكون تنظيم "داعش" قد استغلها لتبييض بعض الأموال الناتجة من بيع النفط أو تجارته على طول الحدود بين تركيا والعراق".

وأوضح أحد المصرفيين المشاركين في اللقاء مع المسؤول الأميركي، ان "خلفية الزيارة مرتبطة بمعلومات ومعطيات عن تورّط مصارف تركية وعراقية في تبييض أموال التنظيم الإرهابي. وبالتالي كان الاستنتاج واضحاً لدى الإدارة الأميركية بأن "داعش" سيحاول استعمال المصارف التركية والعراقية وعلاقاتها بالمصارف اللبنانية لتمويل عملياته في مختلف البلدان وإرسال الأموال إلى مختلف فصائله وتشكيلاته العسكرية"، لافتا إلى ان "تنظيم داعش منتج للمال، وهذه الأموال قد تدخل إلى لبنان بواسطة المؤسسات المالية، أو بواسطة الأفراد الذين يحملون المال النقدي، ما يعني أن المخاطر موجودة، وهي التي استدعت تحذيرات غلايزر، وخرجت إلى العلن قبل انتهاء زيارته. وإزاء ذلك، انبرى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى توضيح النتيجة والانطباعات التي تركتها الزيارة".

وبحسب محضر اللقاء الشهري بين جمعية المصارف وحاكمية مصرف لبنان، فإن سلامة قوّم الزيارة "إيجاباً"، ثم وضع زيارة غلايزر في إطار "جولة على المنطقة تتضمن السعودية والإمارات وقطر... وتندرج بصورة أساسية في إطار مكافحة تمويل المنظمات الإرهابية، وخصوصاً داعش، تهيئة للمؤتمر الدولي المقبل في روما". وقال: "من الصعب جداً أن تكون لداعش حسابات لدى المصارف في لبنان، أو لدى الصرافين. أما التبرعات الفردية للمنظمات الإرهابية، فتصعب السيطرة عليها بالكامل".

وأكد المصدر أن "بعض المصرفيين واجهوا غلايزر بالإشارة إلى أن المصارف العراقية وضعت حواجز أساسية لفروعها في المناطق التي يسيطر عليها داعش من أجل منع استخدام التنظيم لها وتحويل أموال موبوءة بالإرهاب". كذلك أوضح بعض هؤلاء أن "البحث يجب ألّا يركّز على المصارف اللبنانية، فيما تتركّز معظم أعمال داعش على الحدود العراقية-التركية، وعلى الحدود التركية-السورية، وأن البحث يجب أن يتركّز على المصارف التركية التي قد تشارك في مثل هذه العمليات".

وأوضح مصرفي شارك في الاجتماعات أن الأميركيين "سبق أن أثاروا الأمر قبل فترة من زيارة غلايزر، وكان همهم في تركيا يركز على مصرف "عودة" الذي وسع استثماراته في هذا البلد خلال السنوات الماضية، والذي يتردد أنه خسر نحو خمسين مليون دولار نتيجة الصعوبات القائمة هناك. وتحدثت الجهات المصرفية عن تفاصيل جديدة تتعلق بعمل المصرف في تركيا والأسباب الحقيقية لخسائره هناك".

ولفتت المصادر إلى أن "الأميركيين يريدون تنبيه مصرف "عودة" إلى ضرورة إعادة التثبت من كل العمليات المصرفية الجارية في تركيا، وكافة العمليات التجارية الطارئة، ومحاولة البعض اعتماد مصرف "عودة" في تركيا للعبور إلى الجهاز المصرفي اللبناني حيث يمكن الاستفادة من نظام السرية المصرفية لإخفاء أموال كثيرة ترتبط بالتنظيمات الإرهابية العالمية".

وبحسب المصادر، فإن لدى الأميركيين النقاش نفسه مع الجانب التركي، وهم طلبوا من أنقرة أيضاً التدقيق في عمل مصرف "عودة" وسط مخاوف من إمكان حصول عمليات تبييض لمئات الملايين من الدولارات، خصوصاً أن العمليات التجارية الواسعة والقائمة عبر الحدود التركية إلى داخل سوريا أو إلى العراق تكفي لتغطية كمية كبيرة من الأموال. والخشية الأميركية تعود إلى أنها تتهم المصارف اللبنانية، ومصرف عوده من أبرزها، بأنها قامت مضطرة بإجراءات في سياق مكافحة تبييض الأموال والإرهاب.