اليوم تبدأ وقائع المحاكمة التي طال انتظارها، عندما يمثل الوزير ميشال سماحة «المثير للجدل» أمام المحكمة العسكرية في إحدى أشهر المحاكمات التي ستشهدها قاعات العسكرية .حيث يختلط القضاء مع السياسة. خصوصاً أن الوزير المتهم لعب دوراً بارزاً خلال الوجود السوري في لبنان إضافة إلى أن سماحة حسم خياراته السياسية. فانتقل من الكتائب حيث كان ركنا فاعلاً في حزب «الله والوطن» ليصبح عضواً قيادياً في قوى 8 آذار. وطموح سماحة لم يتوقف عند حدود.بل فاق التوقعات عندما فاجأ الجميع بانضمامه كعضو في عداد الوفد السوري الرسمي أثناء إحدى زيارات الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الفرنسية . وسماحة نجح أيضاً في لعب دور بارز في الفريق الفاعل داخل الإدارة السورية من خلال اطلاعه الواسع ومواظبته على قراءة المواقف الدولية تجاه سوريا. وكان يرفد الإدارة السورية بكل جديد .

هذه العلاقات المتينة كانت سابقة للأحداث السورية. تقول مصادر متابعة لملف سماحة، وكما أنها شكلت له بعض الإشكالات على الصعيد المحلي اللبناني. وتحديداً لدى قوى الرابع عشر من آذار. فاعتبرته هذه الأخيرة عدوا خطيراً يستطيع أن يكون حصان طروادة لما يمتلكه من حرية الحركة بين الجانبين السوري واللبناني فالرجل باعتراف الخصوم والحلفاء متحرك لا يهدأ ورصيده السوري يسمح له باختراق الأماكن والمقرات في 8 آذار ناقلا إليهم الرسائل بالمصداقية من الداخل السوري. هذه الديناميكية أقلقت الاذاريين، فانتظروه بفارغ الصبر كي يدعس دعسته الناقصة الأولى. فانقضوا عليه والغوه نهائياً من المعادلة التي كانت قائمة.

ومهما قيل حول حادثة المتفجرات ونقلها فإن الأكيد تضيف المصادر هو نجاح الاذاريين في استدراج سماحة إلى فخ «غلطة الشاطر بألف» وساعد هؤلاء أن الحلفاء في 8 آذار آثروا الصمت المطبق وكأن الأمر لا يعنيهم وتركوه وحيدا يقلع وحيداً شوكه بيديه. فلجأ إلى محامي مدني عقاري تجاري يدافع عنه بعدما استنجدت العائلة به بناء لنصائح قضائية صديقة. علماً أنه لم يتطوع أي محامي من قوى 8 آذار كما تطوعوا يوما للدفاع عن الشيخ عمر بكري فستق في أولى سقطاته القضائية. وفي المقابل استمر المعنيون في الفريق الخصم يحاولون الإدانة عبر التأجيل الدائم بحجة أن جميع عناصر القضية لم تكتمل بفعل عدم التبليغ. كما أن البعض يروج عبر اوساطه بأن خروج سماحة سيزيد من الإحباط السني وتحديداً لدى سنة طرابلس حيث النية الجرمية للتفجير كانت ستؤدي ببعض أبناء المدينة إلى التهلكة.

إذا من خلال اللامبالاة لدى حلفاء سماحة والحماسة والإصرار لدى خصومهم الذين يعملون يدا واحدة وبصوت واحد اسجنوه، يمضي سماحة أيامه داخل السجن يقرأ إنجيل يوحنا مرة واثنين وأكثر بحسب المصادر. ويدرك يقينا أن أيامه داخل أسوار السجن باتت معدودة خصوصاً أن الدفاع يمتلك الحجة التي ستساعده بالنفاذ وباطلاق سراحه وهي «أن الشروع في التنفيذ غير موجود» وبأن سماحة لم يقبض عليه بالجرم المشهود لناحية الجرم التنفيذي، بل التهمة تقتصر على «النية الجرمية» من دون أفعال تنفيذية. هذه الحيثيات لا تكفي للادانة القصوى أو لتشديد العقوبة.

هذا ما دفع بسماحة للاطمئنان. وهو سيحضر اليوم كما في المرات السابقة التي حضر بها بكامل أناقته واثقاً من أن حريته باتت على قاب قوسين أو أدنى .فهل يخرج الوزير السابق اليوم من السجن؟ وهل سيسأل الحلفاء عن سبب الصمت وتركه وحيداً في اشداق الخصوم ؟