إذا كانت الإستقالة مطروحة ولكن غير واردة، فلماذا التلويح فيها؟

وإذا كانت ممكنة ولكن غير مسموحة فلماذا التهديد فيها؟

هل فقط لإضافة عنصر توتر وكأنَّ البلد بحاجة إضافية إلى مزيد من التوتر.

إنفجرت أزمة النفايات، فلماذا سمح لها الرئيس تمام سلام أن تنفجر؟

لماذا ترك نفسه حتى اللحظة الأخيرة، ليجد نفسه عالقاً بين ابتزاز السياسيين ومخاوف الناس من أن تُرمى النفايات في بيوتهم؟

إذا كان التلويح بالإستقالة سببه النفايات، فكان يُفتَرض فيه أن يعالج هذا المأزق منذ كانون الثاني الماضي حين طُرِحَت القضية في إحدى جلسات مجلس الوزراء وأعطى المعنيون أنفسهم مهلة ستة أشهر، فماذا فعلوا في هذه الستة أشهر؟

لماذا تركوا أنفسهم حتى اللحظة الأخيرة؟

لماذا يعتمدون دائماً سياسة حافة الهاوية؟

إن أزمة الآلية كانت مرتقبة منذ أيار 2014 أي حين بدأ الشغور الرئاسي من عام وشهرين، فلماذا لم يتمَّ بتُّها في الجلسة الأولى التي أعقبت الشغور؟

هنا أيضاً اعتُمِدَت سياسة حافة الهاوية، ومنذ متى تصلح سياسة حين نصل إليها نُصلِّي عليها؟

الرئيس تمام سلام يمارس سياسة مُحيِّرة، فحين اعتمد الإجماع كآليةٍ في مجلس الوزراء، كان بذلك يتسبب في عرقلة اتخاذ القرارات، فما الذي دفعه إلى اعتماد آلية العرقلة؟

هو يقول إنَّ هذه الآلية تحافظ على اللحمة وعلى الوحدة الوطنية، لكن، وللأسف، أدَّت إلى شرخٍ في عمل السلطة التنفيذية، فاستغنى عن الإجماع لمصلحة التوافق، إلا أنَّ هذه الآلية سقطت بدورها، فما الذي سيعتمده في جلسة اليوم؟

فعلاً هذا الشيء محيِّر، فهل يُعقَل أنَّ حكومةً في خلال عام واحد تُبدِّل ثلاث آليات لعمل مجلس الوزراء؟

هذا الأداء لا يمكن تسميته على أنّه تفهُّمٌ وتفاهم ولا هو تدوير زوايا وبالتأكيد ليس حلاً، بل هو سعيٌ قدر الإمكان للمعالجة، لكنه في نهاية المطاف إرتباكٌ قلَّ نظيره في ممارسة الحكم.

المهم أنَّ الأمور تسير في اتجاه إيجاد آلية لعدم الإستقالة وليس السير في آلية الإستقالة، فحجم الإتصالات التي انهالت على الرئيس تمام سلام في الأيام الأخيرة، جعل الإستقالة مستبعدة، فهناك اتصالات دبلوماسية قادها السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل، أفضت إلى حلحلة من جانب الرئيس سلام، كما أنَّ إتصالات الرئيس سعد الحريري بلغت ذروتها لجهة عدم الإفساح في المجال للساعين وراء الفراغ لتحقيق أمنياتهم.

إنَّ البلد يمرُّ بأوقات عصيبة، والخشية ليست من الإنفجار بل من تمدده واتساعه، فانتفاضة النفايات التي شهدها البلد أول من أمس واستمرت أمس، هي الإنفجار في حدِّ ذاته، فليتمَّ العمل على عدم استفحاله وليس على محاولة عدم وقوعه، لأنه وقع وقُضي الأمر.