خلال الساعات القليلة الماضية القيت قنبلة يدوية صوتية بالقرب من نقطة للجيش اللبناني لا تبعد إلا امتار قليلة عن مشروع الحريري في طرابلس. خبر كان يمكن أن يكون أقل من عادي لو ان التوقيت الزمني الذي حصل به يعود الى الوراء أكثر من سنة ونصف. أما وأن يحصل اليوم وتحديداً بعدما ضرب الجيش والقوى الأمنية بسيف القرار السياسي غالبية المخلين بأمن عاصمة الشمال والقى القبض على المفاتيح الإرهابية التي كانت تنشط هناك، فالأمر يثير الريبة والإستغراب ويفرض طرح بعض الأسئلة. أولها هل هناك من يريد ان يعيد عقارب الساعة أمنياً الى الوراء في المدينة؟ وثانيها هل يستطيع هذا البعض أن ينفذ ما يخطط له بهذه السهولة؟ أما ثالثها فأين أهل المدينة من هذه المحاولات وما مدى رفضهم لها خصوصاً بعدما نعموا بالأمان والسلام لأكثر من سنة بعد جولات القتال العشرين، ما حرّك دورتهم الإقتصادية الأفقر في لبنان؟

"إنها محاولة إعتداء فاشلة ولكن مفتعلة"، تقول المصادر الأمنية المتابعة خصوصاً أنها جاءت بعد يوم حافل بالمداهمات والتوقيفات. وفي هذا السياق تكشف المعلومات ان وحدات الجيش نفذت صباح الخميس الفائت أي قبل القاء القنبلة الصوتية بساعات عملية دهم في منطقة ​الزاهرية​ وتحديداً في مبنى الجبخنجي حيث منزل المدعو "عماد ديب" الذي عثر لديه على قاذف من عيار ب 10 وكمية كبيرة من الذخيرة والرصاص.

قبل القاء القنبلة ايضاً ضبطت وحدات الجيش المداهمة في الزاهرية كمية كبيرة من الاسلحة الرشاشة يفوق عددها الثلاثين قطعة مع كمية كبيرة من الذخيرة، وأفادت المعلومات الأمنية أن هذه المضبوطات كانت موضوعة داخل مستودع يحوي على براميل تُستعمل كلوازم عمل في مناشر الخشب. اما التوقيفات فتوزعت بين مطلوبين من آل مسعود وآخرين من عائلة صالح.

منطقة باب الرمل لا سيما المنازل التي تقع خلف جامع اميرة لم تسلم من مداهمات الجيش، وكذلك منطقة أبي سمراء حيث كانت التوقيفات على خلفيات اشكالات وقعت في منطقة الشوك بين عائلتين وعدد من السوريين.

أما في منطقة التل فكاد الإشكال ان يتطور أكثر فأكثر لو لم يتدخل عضو "كتلة المستقبل" النائب محمد كبارة شخصياً لحل مشكلة حصلت بين مناصريه ودورية للجيش اللبناني كانت تمر أمام مكتبه.

اذاً على رغم أنها مجرد قنبلة صوتية ولكن تبقى لها مدلولاتها في لغة الأمن وتدابيره. فمن يرمي قنبلة كهذه على حاجز او دورية تابعة للجيش رداً على مداهمات او توقيفات، لن يتردد عن استهداف رجال هذه المؤسسة بأكثر من ذلك لحصد اكبر عدد من الشهداء والجرحى، اذا سمحت له الظروف او بالأحرى القرار السياسي الذي يتحكم بقرارات الجيش ولا سيما المصيرية منها، فيجعلها على قياس مصالح نوابه ووزرائه، لا على حساب مصلحة لبنان الدولة التي يتغنون بها فقط من على المنابر.