لم يعُد أحدٌ أحسن من أحد، فحين تشهد قاعات مجلس النواب حراكاً بين بعض النواب وتراشقًا بالقناني الفارغة، فهذا يعني أنَّ بعض النواب يجب أن يتوافقوا في ما بينهم فيشكِّلون حراكاً ينضمون فيه إلى الشارع، وعدة الشغل في هذا الحِراك النيابي باتت جاهزة ومختبرة على شاشات التلفزة، ومنها:

تبادل الشتائم ورفع الأيدي، لا للتصويت بل للتلويح بتوجيه اللكمات.

تبادل التراشق بالقناني الفارغة.

ابتكار الشعارات التي لا ينقصها سوى خَطِّها ورفعها على يافطات، فمن الشعارات التي تفتقت بها عبقرية بعض النواب أثناء المشكل:

لو في عدالة لازم في ناس تنحط بالحبوسة.

مغارة علي بابا والأربعين مستشار.

وزارة ف.ف. فشل وفساد.

الأول:

أنتم حرامية سارقين الكهرباء.

الثاني:

أنت ومعلمك سارقين الكهرباء.

***

ماذا يريد الناس أكثر من هذه الهدية تُقدّم اليهم من نوابهم؟

إنَّ كلَّ ما حصل يُفترض أن يُشكِّل إخباراً إلى النيابة العامة المالية ليبدأ التحقيق فيه، وفي كل كلمة قيلت في جلسة الأشغال النيابية، خصوصاً أنَّ هناك حقائق ووقائع قيلت وما على النيابة العامة المالية سوى التأكيد على النواب أصحاب الشعارات تقديم الوثائق والإثباتات التي تعزز إتهاماتهم.

***

لكن، ولئلا نغرق في التفاؤل، فإنَّ هذا الأسلوب الإعلامي المباشر الذي صار معلوماً، يُستبعَد أن يوصِل إلى أيِّ نتيجة. ألم يحدث هذا الأسلوب في بداية إحدى جلسات مجلس الوزراء، حين حصل الإشتباك الكلامي بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، حين كان الإعلام ما زال داخل القاعة؟

الأمر نفسه تكرَّر في مجلس النواب، ولكن في المحصِّلة فإنَّ هذا الأسلوب لم يعد ينفع في شيء:

فلا هو يعالج مسألة النفايات المتراكمة في الشارع.

ولا هو يعالج قضية التقنين القاسي في الكهرباء.

ولا هو يعالج أيَّ أزمة مطروحة حتى لو كانت فتح مجرور.

***

مع ذلك فإنَّ الأمل كل الأمل أن تكون طاولة الطابق الثالث أفضل من طاولة الطابق الأرضي في ساحة النجمة، فلا تحمل أيضاً مجرد شعارات علماً أنَّ الناس لم يعودوا يثقون بأيِّ نوع من أنواع طاولات الجدل الذي لا طائل منه، ألم يختبروا هذه الطاولات منذ عشرة أعوام ولم تأتِ بأيِّ نتيجة إيجابية؟

***

إن المواجهة الكبرى ستكون غداً الخميس بين ساحة النجمة من الداخل والساحات من الخارج، فهل ستكون كما غيرها لنعود إلى الدوامة ذاتها؟

إن الأزمات الإستثنائية لم تعد تُعالج بأساليب عادية، فهل الجالسون حول الطاولة يدركون؟