أوضح المدير العام للأمن العام اللواء ​عباس ابراهيم​ ان "الدول التي تساعد وساعدتْ في ملف ​العسكريين المخطوفين​ مشكورة في ما قامت وتقوم به"، مشدداً انها "تستمر بما تستطيع لمساعدتنا على إنهاء الملف، لكن عدم جهوزية الخاطفين هو ما يحول دون إتمام هذه القضية، وهنا يكمن حجر العثرة الفعلي، لكن الأمور لم تنتهِ بعد".

وفي حديث الى صحيفة "الراي الكويتية"، كشف عن "اننا في زيارتنا الأخيرة الى الدوحة قدّمنا عروضاً وطرحنا مخارج إضافية نأمل ان تدفع الأمور الى الأمام، انما ما زلنا ننتظر أجوبة الخاطفين من "جبهة النصرة" عبر الإخوة القطريين".

ولفت الى ان "التجربة علّمتنا ان الصبر وطول الأناة والسرية في العمل هم مفاتيح النجاح في مثل هذه العمليات"، موضحاً "ان عمليات مشابهة استغرقت أكثر من هذا الوقت حتى وصلت الى خواتيمها"، لافتاً الى ان "مسؤولية التعقيدات هنا لا تقع على الدولة اللبنانية بل على الأطراف الخاطفة التي لها ظروفها الخاصة والتي تستثمر هذا الملف وفقاً لأجندة خاصة بها".

وأشار الى ان "الدولة اللبنانية أعلنتْ قبولها بمبدأ المقايضة في عملية التفاوض، وهذا يثبت ان الدولة اللبنانية لم تقصّر ولم تترك مجالاً او باباً لاستعادة العسكريين إلا وطرقتْه وأقدمت عليه من دون تردد، وأقول ذلك من موقع العالِم بخفايا الأمور في هذا الملف".

وعن زيارته الى الكويت، واضح ان "هذه الزيارة تأتي بناء لدعوة من المسؤولين الكويتيين"، لافتاً الى "ان آداب الضيافة تقتضي ان يحدّد أصحاب الدعوة المواضيع والمسائل الواجب البحث فيها مع المدعوين عادةً".

وحول الاتهام الذي صدر من السلطات الكويتية لـ"حزب الله" بالضلوع في قضية "خلية العبدلي" الإرهابية، لفت الى انه "في الحقيقة، ان دعوتي لزيارة الأشقاء في دولة الكويت سبقت هذه القضية بفترة طويلة. وكما سبق وقلتُ، يعود للسلطات الكويتية الشقيقة تحديد نقاط البحث، ولكنني أقول إن كل ما يمسّ أمن الكويت الشقيق يمسّ أمن لبنان والعكس صحيح".

وعن حضّ الكويت رعاياها على مغادرة لبنان وعدم السفر إليه، لفت ابراهيم الى ان "الأخوة الكويتيين الذين يزورون لبنان ليسوا ضيوفاً، بل هم إخوة لنا يتقاسمون معنا حُلو الأيام كما مُرّها، وحمايتهم وأمنهم هما واجبنا تماماً كما هو واجبنا حماية اللبنانيين".

واعتبر ان "ما تتخذه سلطات الكويت من قرارات هو شأن كويتي له علاقة بتقويم هذه السلطات لحفْظ أمن مواطنيها، لكنني بالطبع سأعمل على تبديد المخاوف من خلال الاضاءة على الوضع الأمني في لبنان وتظهير الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية اللبنانية للحفاظ على الأمن، علماً ان التقويم العملاني يحسم بأن الوضع الأمني في لبنان جيّد قياساً على ما يجري في دول المنطقة من دون استثناء".

من جهة أخرى وعن ملف النازحين السوريين، أشار الى ان "لا شك ان مسألة النزوح السوري الى لبنان فاقت بحجمها قدرة لبنان على التحمل، وحمّلت السلطات اللبنانية وعلى رأسها السلطات الأمنية أعباء إضافية على أعبائها، وخصوصاً ان بين هؤلاء النازحين مَن كان يقاتل على الأراضي السورية وينتمي الى تنظيمات إرهابية واستمرّ بمزاولة نشاطه الإرهابي انطلاقاً من الأراضي اللبنانية او داخل هذه الأراضي".

وأوضح ان "كل هؤلاء هم موضع متابعة من قبلنا، ولكم ان تتخيّلوا مع هذا الحجم من النازحين - والذي تجاوز أحياناً حدود المليون ونصف مليون نازح - حجم هذه الفاتورة والتحديات في ظل هذا الاختراق الأمني لموضوع إنساني وأخوي بهذا الشكل".

واشار الى "اننا لا نسمع من العالم إلا الإشادة بما فعله لبنان مع اللاجئين، من دون ان يكون هناك اي دعم فعلي يُذكر، ما أنهك البلد على كل المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية".

ولفت الى ان "اللاجئين استهلكوا البنى التحتية، كما انهم نافسوا الأيدي العاملة اللبنانية في شتى المجالات. كما ان مخيماتهم بمثابة قرى ومدن نشأت فجأة وفي لحظة انسانية من دون ان يكون بداخلها اي نقاط او مراكز أمنية، ناهيك عن تَسلُّل الإرهابيين اليها وإنشاء خلايا إرهابية، لكننا نجحنا والجيش في مداهمتها وتفكيك الشبكات واعتقال أفرادها".

وعن بين الامن العام حول اختراق "داعشي" للحِراك المدني بهدف إحداث فتنة في البلاد، شدد على ان "كل بيان يصدر عن المديرية العامة للأمن العام وفيه إعلان عن توقيفات لمرتكبين، يكون نتيجة إحالة هؤلاء على القضاء المختص. وان توقيف هؤلاء "الداعشيين" الذين اخترقوا الحِراك بهدف إحداث فتن داخله هو لحماية هذا الحراك، ونحن ليست لنا أيّ أجندة سياسية نُسخِّر الأمن تحقيقاً لها".

وأضاف "أنا لا أفهم كيف ان إلقاء القبض على هؤلاء هو لـ"شيْطنة" الحِراك، بينما المنطق يقول إن القبض عليهم هو تنظيف لصفوف الحِراك وحماية له من محاولات اختراقه والبناء عليه من قبل هؤلاء المتطرفين تحقيقاً لأهدافهم الفتنوية". وشدد على انه "على بعض مَن اعتبر ان الهدف من تلك المعلومات شيْطنة الحِراك ان يفكر قليلاً بالموضوع وبطريقة واقعية ليرى ان استنتاجه خاطئ، اللهمّ إلا اذا كان يريد من ذلك أهدافاً غير تلك المعلَنة من قبله ويريد استدراج الدم في الشارع تحقيقاً لأهدافه".

وأكد "اننا مع الحراك ما دام يعمل تحت سقف القانون، لا بل أكثر من ذلك ان واجبنا هو حماية هذا الحِراك من أيّ محاولة لاستغلاله بغية شيْطنته لتبرير التصدي له وقمْعه". وأوضح "اننا لا نتهم احداً بالوقوف وراء هذا الحِراك لا انطلاقاً مما يقومون به ولا من السيرة الذاتية لرموزه. واجبنا المراقبة والمتابعة واتخاذ الاجراءات وفقاً للقوانين وهذا ما نقوم به، ولن نتردد او نتوانى عن القيام بواجبنا عندما نرى ان أيّ تحرك قد يخرج عن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء".

وعن عملية توقيف الارهابي أحمد الأسير، شدد ابراهيم على انها "كانت لبنانية مئة بالمئة، ولم تكن نتاجاً لتبادُل معلومات مع أي أجهزة أخرى، بل نتيجة جهد لجهاز الأمن العام اللبناني الذي تابع من خلال خلية خاصة، وعلى مدى سنتين تفاصيل حياة وحركة أحمد الاسير وصولاً الى إلقاء القبض عليه".

ولفت الى ان "ملف الأسير أصبح الآن في عهدة القضاء اللبناني بصندوقه الأسود كله"، ومضيفاً: "لم تزل الى اليوم الأجهزة الأمنية اللبنانية تقطف ثمار توقيف هذا الارهابي، وتقوم بالمداهمات والتوقيفات والمصادرات استناداً الى اعترافاته".

وكشف ان "الاسير وقبل شهر من القبض عليه، لجأ الى مناورة وخديعة ظنّ انهما انطلتا على الأمن العام وتوهّم اننا بلعنا الطعم، لكن في الواقع استدرجناه بهدوء وروية حتى صار غير قادر على الإتيان بأي حركة كي لا يهدّد سلامة أحد، ولم نعلن عن اصطياده الا بعدما صار حيث يجب ان يكون وأدلى باعترافات أولية مكّنتنا ايضاً من إحباط والقاء القبض على إرهابيين مطلوبين وفارين". واضاف: "مهما نسجتْ بعض المخيّلات المصابة بهوس "التآمر" فإنني حريص جداً على الاكتفاء بما أعلنتُه وعلى عدم الافصاح عن الآليات والمهارات التي أسقطتْه بين أيدينا، وهو الآن في عهدة القضاء".

وعن زيارته الأخيرة للفاتيكان، فأوضح ابراهيم ان "الفاتيكان دولة ويتبع لها روحياً أكثر من مليار مؤمن في العالم وهي حريصة على هؤلاء، وتالياً فإنها معنيّة بأوضاع مسيحيي الشرق، ومن بينهم مسيحيي لبنان"، مشيراً الى "اننا أقمنا علاقات أمنية - انسانية مع دولة الفاتيكان على مدى الأعوام الأربعة الماضية وهي على دراية ومعرفة بالنشاطات التي نقوم بها على المستوييْن الوطني والانساني، بعيداً عن أيّ معايير فئوية او طائفية".

وأعلن عن ان "المديرية العامة للأمن العام حققت الكثير من الإنجازات على مدى الأعوام الأربعة المنصرمة، وهذه الإنجازات أتاحت للبنان واللبنانيين ان يشعروا بأنهم أكثر أماناً واستقراراً"، لافتاً الى "ان الأمن العام اللبناني أوجد نظرية "الأمن الاستباقي الوقائي" وهو القدرة على منع العمل الارهابي قبل وقوعه. وما إلقاء القبض على بعض الشبكات التي كانت تخطط للقيام بأعمال إرهابية قبل تنفيذها إلا خير دليل على ذلك".

وأشار الى "ان لبنان كجميع دول المنطقة عرضة للمؤامرات والمكائد التي تريد النيل من أمنه واستقراره وصولاً الى إغراقه بالفوضى من خلال الأعمال الإرهابية التي كانت تنوي هذه الشبكات القيام بها"، موضحاً "اننا لا نحارب دولاً بل أفراداً وجماعات تنتشر بين أربعة ملايين لبناني، ونصف هذا التعداد من النازحين واللاجئين السوريين والفلسطينيين.

وعن الدخول الروسي العسكري المباشر على الملف السوري، لفت الى ان "الدول ليست جمعيات خيرية على الإطلاق، والدول الكبرى تحديداً عادةً ما تنطلق في رسم سياساتها من مصالحها وليس عواطفها، لا حباً ولا كرهاً، فلا مكان للعواطف في السياسة. والأزمة السورية الآن هي في واجهة الاهتمام الدولي قبل الدخول الروسي المباشر عسكرياً وليس بعده، انما هذا الاهتمام يتقدم ويتراجع وفقاً لمصالح هذه الدول. وقد رأينا تقدماً لهذا الاهتمام مع موجات النزوح والهجرة السورية باتجاه اوروبا، لا بل رأينا تغييراً لمواقف الكثير من هذه الدول ربطاً بهذا النزوح وتأثيره على مصالحها".

وشدد على انه "علينا كأمة ان نرى مصالحنا اولاً، والاستفادة من اهتمام الدول بما يجري عندنا لتحويل التهديد الذي يقع على دولنا الى فرص للنجاة، وكل ذلك شرطه العودة الى وحدتنا. وليس لنا مناص وقوة في المواجهة القائمة في المنطقة إلا من خلال وحدتنا واصطفافنا خلف مصالحنا المشتركة، وإعادة تقويم البوصلة باتجاه ما يجمعنا، ورسْم أرضية مشتركة نقف عليها جميعاً بقصد المواجهة مع كل مَن يريد اغتصاب حقوقنا وخيراتنا".

ولفت الى انه "لا شك في ان الدخول الروسي المباشر على خط الأزمة السورية سيكون له تأثير كبير على رسم معالم المنطقة وليس على سورية فحسب، ولبنان جزء من هذه المنطقة التي أصبحت كلها قضية واحدة مترابطة ولم تعد ملفات متعددة نظراً لحجم الحرب الواقعة علينا من كل الاتجاهات والتي تلبس اليوم لبوس الإرهاب".