يحرص رئيس الحكومة ​تمام سلام​ في كل جلسة لمجلس الوزراء تكرار منظومة اجراء ​الانتخابات الرئاسية​، ويعيد مسؤولية عدم إنتاجية حكومته والمشاكل التي يعانيها داخل الحكومة الى استمرار تعطيل هذا الاستحقاق.
في الوقت نفسه يلبّي سلام كل الدعوات الأجنبية التي يتلقاها بوصفه رئيسا للحكومة، ويحرص على تلبية حتى تلك التي تصله بوصفه يقوم بمقام رئيس الدولة في غياب رئيس البلاد.
لكن سلام لم يقم حتى الساعة بأي مبادرة بوصفه رئيسا للحكومة ورئيسا بالوكالة للبنان، لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية حتى يتحقق إنجاز الاستحقاق الرئاسي، مكتفيًا بالتوسّط بين رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، لإتمام التفاهم بينهما حيث توصلا خلال مأدبة العشاء التي اقامها على شرفهما الى تشكيل لائحة توافقية في ​الانتخابات البلدية​ والتي ستجري يوم الأحد المقبل في مدينة طرابلس.
ورأت مصادر نيابية في قوى "8 اذار" ان جولات رئيس الحكومة وزياراته الخارجية، لم تحقق شيئًا يذكر حتى الساعة على صعيد الدعم المادي او المعنوي للبنان في ملف النازحين السوريين، ولم يستشعر نوايا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته مؤخّرًا للبنان حيال توجه المنظّمة الدولية لتوطين هؤلاء في لبنان، بالرغم من ان وزير الخارجية ​جبران باسيل​ اطلع الحكومة ورئيسها مسبقا على المعلومات التي تصله من السفارات والبعثات الدبلوماسية حول نوايا عدد من الدول ورفضهم استقبال هؤلاء، وتفضيل بقائهم في الدول التي تستضيفهم ومنهم لبنان.
وتضيف هذه المصادر ان سلام خلق أيضًا اشكالية بين لبنان و​دول الخليج​ بسبب اللغط الذي خَيّم على موقف الوزير باسيل في مؤتمر القاهرة والمؤتمر الاسلامي، ولم يعرف اللبنانيون حتى الساعة ما اذا كان باسيل نسّق معه في هذا الخصوص ام لا، لا سيّما وانه لم يطرح هذا الملف على مجلس الوزراء، بل فضّل ان يبقيه بينه وبين باسيل، مع ما رافق هذه الآلية من تداعيات سلبيّة عليه بعدم حصول لقاء موعود بينه وبين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في تركيا.
ولاحظت المصادر كيف تعامل سلام مع ملف ​النفايات​ وعمد الى تنحية صديقه وزير البيئة ​محمد المشنوق​ عنه وهو الوزير المسؤول اولا وأخيرا، وقرر اعادة الاعتبار اليه اليوم بطرحه ملف سد جنة على مجلس الوزراء، الذي تتداخل فيه السياسة، دون الأخذ بعين الاعتبار أطراف الصراع في الحكومة بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل"، بما يوحي ان رئيس مجلس الوزراء يرغب او يفضّل إذكاء النار لا اخمادها.
اما في ملف أمن الدولة، فما زال سلام يماطل ويساير هذه الفئة على حساب فئة اخرى، مما يعزز الانقسام داخل حكومته والذي يهدد استقرارها الهشّ.
وتقول المصادر: "لا نجد مؤشرات تدل على وجود موقف حازم لرئيس الحكومة حول ملف العقوبات الاميركيّة الماليّة على "حزب الله" سوى تمنياته بعدم إثارة هذا الموضوع في الإعلام، وترك معالجته الى الاجتماعات التي تحصل بين نواب من حزب الله ومصرفيين، وحاكميّة البنك المركزي".
ولم تتجاهل المصادر مخالفته للدستور اللبناني عندما اعتمد ووافق على آلية اثبتت فشلها في مجلس الوزراء، وهي افضت الى ترحيل الملفات الشائكة والبحث في الملفّات التي هناك توافق حولها، بدل ان يعتمد النمط الدستوري الذي ينص على الاقتراع.
وأشارت المصادر الى ان سلام اعتمد في بداية عهد حكومته على النصائح التي كان يوجهها اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بدل ان يقوم بدور المراقب للحكومة، حسب الأصول المعمول بها في الدستور، لكن الأخطاء التي تراكمت أجهضت نصائح برّي، وجعلت من هذه حكومته حكومة تصريف اعمال، حتى ولو ان تمّام سلام لم ينفّذ اكثر من مئة تهديد بتقديم استقالته، ومع تيقنه الكامل ان مثل هذه الخطوة صعبة ان لم تكن مستحيلة من الناحية الدستورية والقانونية.
وخلصت المصادر الى القول "انه وفي غياب اي مؤشر بأن الانتخابات الرئاسية قريبة، يتوجب على سلام اعادة النظر في الأسلوب الذي يدير فيه امور الدولة، كي لا يصبح كلامه عبر وسائل الاعلام بأن هذه الحكومة هي الأفشل بتاريخ لبنان حقيقة موثقة، أمّ أنّه سيغنّي الأغنية الفيروزيّة "بُكْرا بِرْجَعْ بُوقَفْ مَعْكُنْ وإِذا مِشْ بُكْرا الْبَعَدُو أًكِيدْ"...