عاشت طرابلس افراح عيد الاضحى المبارك، حيث تجلببت المدينة برداء الزينة التي غطت شوارعها وساحاتها العامة، وأضيئت للمرة الاولى مستديرة نهر ابو علي وتميزت بحلتها الجديدة الى جانب زميلتها مستديرة عبد الحميد كرامي. كما ارتفعت الزينة في الشوارع والاحياء الداخلية، واقيمت صلاة العيد كالمعتاد في الجامع المنصوري الكبير الذي يؤمّه مفتي المدينة ويشارك فيه نواب طرابلس، وللمرة الاولى شارك في الصلاة وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي في جامع طينال على غير عادة سياسيي المدينة.

وعشية العيد، انتعشت الحركة التجارية في اسواق المدينة، حيث شهدت ازدحاما في اسواقها المتنوعة وفي محلات بيع الحلويات الطرابلسية التقليدية، بالرغم من انتكاسة كادت ان تصيب هذه الحركة قبل يومين من العيد لكنها تمكنت من تجاوزها، حين رفضت الشرائح الاجتماعية تلبية الدعوة الى التظاهر خشية ان تؤثر على الحركة التجارية. وعادت طرابلس لتلعب دورها محطة التقاء وتلاقٍ لجميع المناطق الشمالية، خاصة لشهرتها في صناعة حلويات العيد التي تتميز بها. وكانت جمعيات كشفية وهيئات مدنية اضافة الى جمعية العزم والسعادة وغيرها من الجمعيات المحلية نظمت مسيرات تقدمتها الفرق الموسيقية وجابت شوارع المدينة تهلل للعيد، كما تميزت ظرابلس بتلاقي جميع الطرائف والمذاهب في هذه المناسبة بتقبل التهاني في العيد. ولعلها من الاعياد القليلة هذا العام التي فتح فيها نواب طرابلس وسياسيوها ابوابهم ومكاتبهم لتقبل التهاني بالعيد، ربما لان العد العكسي للانتخابات النيابية في العام المقبل قد بدأ.

وسط ذلك، قام البعض بتوزيع اضحية العيد في الاحياء الفقيرة احتفالا بمناسبة عيد الاضحى، كما ساهمت العديد من الجمعيات بتخصيص اضحيات لعائلات عدة. وشهدت الاحياء الشعبية انشاء اماكن للتسلية واللهو للاطفال التي تميزت ايضا بكثافة المقبلين عليها نتيجة ما يسود المدينة من امان واستقرار، وسط تدابير امنية مكثفة ينفذها الجيش اللبناني لحماية دور العبادة والاماكن العامة في المدينة.

كما تحول كورنيش الميناء الى مهرجان شعبي، حيث قصدته كل الفئات الشعبية، فازدحمت شوارع الميناء بالسيارات والمارة وعربات الذرة والكعك تقف على جانبي الرصيف تلبي طلبات الزبائن، في حين انطلقت المراكب والزوارق في رحلاتها البحرية قاصدة جزر النخيل والارانب، وشهدت المقاهي والمطاعم اقبالا كثيفا، مثلها مثل مدن الملاهي التي استقبلت الاطفال حتى ساعات متأخرة من الليل. وازدحم الطلب على عربات الخيل وركوب الاحصنة، واستقبلت الاكشاك المنتشرة على شاطئ الميناء روادها من كل الاطياف.

وفي شارع الضم والفرز، بدأت سلسلة من المطاعم والمقاهي منذ ساعات الصباح باستقبال روادها حتى بدا الشارع كانه سوق تجاري ضخم الحركة لا تهدا فيه لا في الليل ولا في النهار.

اما المقاهي التقليدية في ساحة التل وعزمي والكزدورة وباب الرمل فالاقبال بات ضئيلا فيها ما اضطر بعض اصحاب المطاعم والمقاهي للاقفال بعدما نشطت الحركة التجارية في الاحياء المستحدثة كالضم والفرز وراس الصخر في الميناء.

على الرغم من اقتراب افتتاح موسم العام الدراسي، إلا ان معظم الطرابلسيين حاولوا تأجيل هموم الاقساط المدرسية واللوازم والكتب والقرطاسية الى ما بعد العيد في محاولة منهم للاستفادة من اجواء العيد التي انعكست بشكل ايجابي على كل المناطق والاحياء خصوصا بعد تصريح وزير التربية الياس بو صعب بان رسوم التسجيل اصبحت مجانية لطلاب الابتدائي والمتوسط، اضافة الى توزيع الكتب مجانا، الامر الذي ساهم في تخفيف الاحتقان خصوصا في الاحياء الشعبية العاجزة عن تعليم اطفالها، معتبرة ان قرار الوزير كان منصفا بحقهم وعادلا خصوصا ان هذا القرار بات فيه المواطن الفقير يشعر فيه بالمساواة بعد قرار الغاء الرسوم اسوة بالنازحين السوريين الذين يتمتعون بمجانية التعليم لاطفالهم منذ وصولهم الى لبنان.

هي بهجة العيد سادت في طرابلس كما في غيرها من المناطق، على أمل أن تنعكس فرجاً على كلّ المستويات يبدو اللبنانيون بأمسّ الحاجة إليه...