لاريب أن إجراء الانتخابات النيابية المرتقَبة وفقاً لقانون 1960، وإن أُدخلت عليه بعض “مستحضرات التجميل”، يبقى يشكّل انتكاسة لعهالرئيس العماد ميشال عون، الذي حمل لواء التغيير والإصلاح، ورفع شعار لبنان القوي.. حتماً لن يوافق على السير بقانون غير متوازن يعيد إنتاج “أكثرية منتفخة” تتمكن من إحكام السيطرة على مقاليد السلطة في البلاد، على غرار ما حدث في العام 2000، يوم استنبط غازي كنعان قانوناً أعاد بموجبه الثنائي الحريري – جنبلاط إلى الحُكم بقوة، وأعيقت آنذاك ورشة الإصلاحات التي بدأها عهد الرئيس إميل لحود، بعد مضي أقل من عامين على انطلاقه.

فهل يقبل العماد عون أن ينتهي عهده وهو لم يبلغ من العمر إلا 6 أشهر، ونشهد تجربة العام 2000 مجدداً؟

بالتأكيد، هذه التجربة لن تتكرر، وإن ذهب لبنان إلى فراغ في مؤسساته الدستورية، تحديداً في المؤسسة التشريعية، وهذا ما قد يدفع الثنائي المذكور باعادة النظر بالقانون النسبي.

وجاء خطاب الرئيس سعد الحريري ومقابلته التلفزيونية على قناة “أو تي في” في الذكرى السنوية 12 لاغتيال والده، منسجمين مع الأجواء التوافقية التي تسود البلاد، وتحت سقف التسوية التي أوصلته إلى السرايا الكبيرة، محاولاً من خلالهما تبرير نهجه الراهن أمام مؤيديه.

وأبرز الرسائل التي وجّهها رئيس الحكومة هي الآتية:

1- دعوة جمهور “التيار الأزرق” إلى الاستعداد للمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقَبة، وانفتاحه على أي قانون انتخابي متوازن، ما يؤكد حتمية إجراء الانتخابات وفقاً لقانون جديد، وانتهاء صلاحية “الستين”، كذلك تحمل هذه الدعوة تراجعاً ضمنياً عن رفض “النسبية”، وتهيئة جمهوره على القبول بها، ما يؤشر إلى أن المجلس النيابي سيلتئم قبل نهاية شباط الجاري ويقرّ قانوناً جديداً، من المرجح أن يكون نسبياً، تُجرى على أساسه الانتخابات التشريعية.

2- تصميم “المستقبل” على خوض غمار الانتخابات في مختلف المناطق اللبنانية، ما يدلّ ضمنا على استمرار الانقسام في صفوفه، وفشل كل مساعي المصالحة مع اللواء أشرف ريفي وفريقه، بدليل غيابه عن الحفل.

3- على الصعيد الأمني وفي شأن الإنجازات الأمنية: لم يحمل كلام الحريري أي جديد، بل كان مطابقاً لكلام السيد حسن نصر الله الأخير.

4- وما يعزز أيضاً فرضية إقرار قانون انتخابي نسبي أيضاً، وبقوة، موقف النائب وليد جنبلاط الذي أطلقه في الأيام القليلة الفائتة بعد لقائه الرئيس نبيه بري، والذي قال فيه الأول إن “خطاب الأمين العالم لحزب الله بما يخص قانون الانتخابات، وأن النسبية ليست استهدافاً للجبل أو الدروز، يعطينا المزيد من الاطمئنان”.

إذاً، بعد شبه الإجماع الوطني الذي يحظى به رئيس الجمهورية في مساعيه لإقرار قانون انتخابي عصري، خصوصاً دعم حزب الله، باتت

الفرصة معدومة أمام من يريد عرقلة العهد والعودة بالبلد إلى غياهب الماضي.