في بداية العام 2012، صدر مرسوم تعيين الحد الادنى لأجور المستخدمين والعمال في القطاع الخاص، واعطاء زيادة غلاء المعيشة، وفي نفس الوقت الذي أصبح فيه الحد الادنى ستمئة وخمسة وسبعين ألف ليرة لبنانية، تضخمت أسعار السلع، وأسعار العقارات، والمواد الغذائية، ويمكن القول ببساطة أن أسعار "كل شيء" ازدادت، وهذا ما يؤشر لمسار الأسعار في لبنان بعد اقرار ​سلسلة الرتب والرواتب​ للقطاع العام، ولكن ماذا عن موظفي القطاع الخاص؟.

يرى عبد الرحمن وهو من موظفي القطاع الخاص أن السلطة السياسية في لبنان تتفنّن في وضع المواطنين بمواجهة بعضهم البعض، مع تنازلها المتعمد عن لعب دور الراعي او الوسيط بين المواطنين، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى ان "مشروع سلسلة الرتب والرواتب الجديدة سيفتح الباب أمام ارتفاع الأسعار، لأن التجار يبحثون عن زيادة مداخيلهم التي تضررت بفعل الاشتباك السياسي والأمني الذي طال في لبنان خلال السنوات الماضية". اما بالنسبة للقطاع الخاص، يقول عبد الرحمن: "سيتحمل كل أركان الدورة الاقتصادية فيه تبعات زيادة ​الضرائب​ التي فُرضت على المواطنين لتمويل سلسلة مواطنين آخرين، وذلك بدل بحث سبل وقف الهدر والفساد.

وضع عبد الرحمن يده على "الجرح"، فالخبير الاقتصادي ​لويس حبيقة​ يبدي استغرابه لمبدأ فرض ضرائب جديدة قبل محاربة الفساد ووقف الهدر. ويقول في حديث لـ"النشرة": "أنا ضد أي زيادات ضريبية لان المواطنين استبشروا خيرا في العهد الجديد، وكان من الافضل أن نضرب الفساد والهدر اولا قبل الطلب من المواطنين ان يدفعوا"، مشيرا الى ان المشكلة في لبنان ان السياسيين يريدون من المواطن ان يضحي وهم لا يضحون".

تجد سارة وهي احدى الصحافيات العاملات في القطاع الخاص أن الاسعار في لبنان غير خاضعة للمراقبة، بالتالي ستكون سلسلة الرتب والرواتب حجة للتجار كي يزيدوا الأسعار في كل القطاعات، مشيرة الى ان موظفي القطاع الخاص سيعانون في الفترة المقبلة خصوصا وان الضرائب ستُدفع من قبل الجميع وليس من قبل من نال السلسلة فحسب. وتضيف: "نحن نطالب بزيادة على الأجور منذ سنوات ولم نجد نتيجة ولا أظن اننا سنجد نتيجة قريبة بظل غياب القانون الذي يجبر القطاع الخاص على الزيادة". من جهته يعتقد حبيقة أن "المنافسة" تمنع ارتفاع الاسعار، مشيرا الى ان المنافسة الضخمة في سوق السلع الاستهلاكية سيؤدي الى انخفاضها وليس ارتفاعها، مشددا في الوقت نفسه على دور وزارة الاقتصاد في المراقبة لمنع التلاعب.

يرى حبيقة ان سلسلة الرتب والرواتب ستقوم بردة فعل ايجابية في الاقتصاد اللبناني، لأن التحسين بالاجور كفيل بضخ المزيد من الاموال في السوق وتحريك العجلة الاقتصادية. ويضيف: "أرى انها ستنعكس ايجابا على البلد والاقتصاد وانا متفائل بالنتيجة، اذ ان كل ليرة يتم زيادتها على الاجور تضيف حوالي 5 دولارات في الناتج الاجمالي"، مشددا على دور الدولة وواجباتها بوقف الهدر والفساد.

"ليست كل القطاعات الخاصة متشابهة"، يقول حبيقة، مشيرا الى ان موظفي القطاع الخاص لا يعانون بشكل كبير جرّاء أجورهم خصوصا اولئك الذين يعملون في قطاعات مربحة كالمصارف والشركات الكبرى. ويقول: "المشكلة تكمن في الشركات التي لا تحقق الارباح كما يجب". اما بالنسبة للحد الادنى للأجور فهو غير ذات أهمية سوى باعتباره مؤشرا ينفع على سبيل المثال في قانون الايجارات، ولكن بالواقع فهذا الحد الادنى لا يطبق في لبنان، ولا يمكن لأحد ان يعتاش بنيله الحد الادنى للأجور، لافتا النظر الى أن أجور القطاع الخاص خاضعة لاعتبارات الربح لكل مؤسسة وشركة على حِدَة.

لا شك أن سلسلة الرتب والرواتب حق مقدس لموظفي ​القطاع العام​ والاساتذة والعسكريين، ولكن من حق بقية مكونات الوطن أن يطالبوا بحقوقهم، او على الأقل ألا يدفعوا عبر اجورهم نفسها التي لا تكفيهم اليوم، ثمن ارتفاع الاسعار ودفع الضرائب.