دخل النقاش حول قانون الانتخابات مرحلة حاسمة يمكن وصفها بأنها ستضع البلاد امام مفترق طرق، لا سيما ان الاجواء التي تحيط بالمفاوضات الجارية لا توشّر الى امكانية التوصل للاتفاق على القانون.

واستناداً الى مصدر نيابي مطلع يشارك في هذه المفاوضات فان هناك اجماعاً على ان الاسبوع او الاسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين، حيث ينتظر ان تنشط الاتصالات والنقاشات، التي بدأت في الايام القليلة الاخيرة، بعد الانتهاء من سلسلة الرتب والرواتب والموازنة.

ويضيف المصدر ان الجميع سينخرطون في ما يمكن وصفه «بالنقاش الاخير»، في محاولة لتجنّب الدخول في خيارات صعبة غير محمودة النتائج.

وعلمت «الديار» ان الوزير جبران باسيل انجز نسخة جديدة من مسودة مشروع قانون يعمّد النظام المختلط والمركّب، وزعت على العديد من الاطراف.

ويقول احد الذين اطلعوا على هذه المسودة «انها صيغة تختلف عن الصيغة التي كان عرضها باسيل منذ اسبوعين او ثلاثة، وهي تعتمد على اكثر من معيار وتجمع بين النسبي والاكثري والتأهيل الطائفي. صحيح انها صيغة جديدة لكن من الصعب الحكم عليها من دون دراستها بدقة أكان بالنسبة لقواعدها او بالنسبة لشكل وتوزيع الدوائر».

ووفقاً للمعلومات فان الاطراف طلبوا درسها بدقة وتفصيل خصوصاً انها تتضمن معايير عديدة، وانهم لم يعطوا اجوبة بعد لا بالقبول ولا بالرفض.

وتقول المعلومات ان حزب الله وحركة «امل» اطلعا على المسودة وهما في مرحلة درسها.

وفي رأي مصادر الثنائي الشيعي انه «لا يمكن اعطاء رأي نهائي بشأنها لاننا ما زلنا في مرحلة دراستها ولم ننته منها. ونحن دائما وخصوصا في هذه المرحلة حيث تقصر وتضغط المهل نتعاطى بايجابية وانفتاح في النقاش».

وتضيف المعلومات ان تيار المستقبل لا يعترض بالمبدأ على القانون المختلط، وكان ابلغ موافقته على مناقشة هذا التوجه غير مرة لكنه مهتم بالبحث في الدوائر وتقسيمها. ويكاد موقف النائب وليد جنبلاط قريبا من هذا الموقف من حيث المبدأ ايضا لكن لديه اعتبارات وحسابات اخرى يركز عليها في النقاش الذي دخل فيه مؤخراً بشكل مباشر.

اما «القوات اللبنانية» فهي بدورها ابلغت استعدادها لدرس الصيغة المطروحة من دون ان تعطي جوابا نهائيا وحاسماً حتى الان.

من هنا يبدو المشهد بالنسبة لقانون الانتخاب ضبابيا حتى الآن، ما يطرح علامات استفهام واسئلة عديدة حول مسار الامور في هذا الشأن بعد آذار الذي وصفه الرئيس بري بأنه شهر حاسم.

وقد سألت «الديار» مصدرا نيابياً مطلعاً عن الاحتمالات اذا ما بقيت النقاشات تراوح مكانها بعد آذار، خصوصا ان المعطيات تشير الى ان رئىس الجمهورية لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الموقع من رئيس الحكومة ووزير الداخلية.

واجاب المصدر «نحن امام ثلاثة احتمالات في ظل عدم التوصل الى اتفاق على القانون الجديد»:

1ـ ان يجتمع مجلس النواب ويقصر المهل لاجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي النافذ.

2ـ يجتمع مجلس النواب ويقرّ «تمديداً تقنياً» الى آخر الصيف او منتصف الخريف المقبل بهدف تمديد الفرصة او اعطاء فرصة اضافية لمتابعة مناقشة قانون جديد للانتخابات.

3ـ لا يجتمع المجلس ولا يتمكن من التمديد التقني، وتنقضي المهلة من دون اجراء الانتخابات لا سيما اذا ما اصرّ الرئيس عون على عدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 21 آذار.

ويقول المصدر النيابي المطلع اننا في مثل هذا الاحتمال سنكون امام مشكلة كبيرة لأن بعض القوى السياسية سيعتبر أن ولاية المجلس قد انقضت ويقاطع المجلس. بينما يؤكد الفريق الآخر نظيرة عدم جواز الفراغ في المؤسسة التشريعية استناداً الى تفسير نصوص وروح الدستور والقانون.

ويضيف المصدر ان الاحتمال الثالث هو أسوأ السيناريوهات لانه سيؤدي الى بلبلة كبيرة في البلد وما يشبه الوضع في مرحلة الحكومتين الذي ساد في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام 1988.

ووفقاً للاعتقاد السائد فان الذهاب الى الخيار الثالث، أي الفراغ، يشكل منعطفاً خطرا لا يمكن سلوكه مهما اختلفت الآراء. من هنا فان العبارة التي وردت على لسان الرئيس عون في هذا المجال والتي لم يكررها بعد ذلك وضعت في خانة محاولة حث وتحفيز الافرقاء جميعا على اقرار قانون جديد للانتخابات.

وتقول المعلومات ان هناك اغلبية واضحة ضد الذهاب الى الفراغ، وان حزب الله بعث برسالة الى الرئيس عون وحليفه التيار الوطني الحر تؤكد رفضه للفراغ في المؤسسة التشريعية.

وفي رأي المصدر النيابي المطلع «انه اذا كان قانون الستين هو القانون الرجيم فان الفراغ هو الشيطان الرجيم».

ويضيف «هناك وجهة نظر دستورية قوية مدعومة من مراجع واطراف عديدة تعتبر ان ليس هناك فراغ تشريعي على قاعدة ان الدستور لم يحدد او يتحدث عن حالة الفراغ هذه لا من قريب ولا من بعيد، وان الدستور انطلق من فرضية عدم جواز الفراغ في المؤسسة التشريعية على قاعدة أنها أم السلطات ومصدرها. فالمادتان 57 و55 من الدستور تكلمتا عن حلّ المجلس النيابي وفق صيغة محددة، واشترطتا اجراء الانتخابات النيابية خلال ثلاثة اشهر، واذا تعذر ذلك يعتبر مرسوم حل المجلس باطلاً أو كأنه لم يكن، ما يعني ان مرسوما قد صدر وحلّ المجلس وذهب النواب الى منازلهم، ثم ونتيجة لعدم اجراء الانتخابات يعود النواب من منازلهم ويستكمل المجلس النيابي عمله. كل ذلك يعني أن المشترع نفى جواز حصول فراغ تشريعي في كل الاحوال. البعض يسعى الى التمييز بين حالة حلّ المجلس النيابي وحالة انتهاء الولاية على قاعدة التمييز بينهما، ولكن انتهاء الولاية أو حلّ المجلس النيابي لناحية النتائج المترتبة عنهما هو الفراغ التشريعي. وبالتالي فان الأمرين يفضيان الى النتيجة نفسها والمقاربة نفسها وهي عدم جواز الفراغ التشريعي».

ووفقا للمعادلات والاجواء السائدة فان الفراغ في المؤسسة التشريعية امر غير جائز أو وارد، وبالتالي ان الذهاب في هذا الاحتمال لن ينعكس على المجلس بل على مؤسسات الدولة كلها وعلى العهد بأكمله. من هنا فان المحاذير كبيرة وخطرة من سلوك هذا الخيار او حتى وضعه من بين الاحتمالات الواردة والمطروحة.

ووفقا لكل ما جرى ويجري فان السؤال حول ما نحن ذاهبون اليه اذا ما تعذر الاتفاق على قانون جديد غير جاهز او واضح حتى الآن. لكن محاذير وصعوبات اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين المعدل الحالي، وخطورة واستحالة الذهاب الى الفراغ، تضع «التمديد التقني» خيارا محتملا في غياب القانون الجديد.