لطالما كان لبنان يأوي النازحين الذين تحولّت أراضيهم الى بؤر نزاع ودماء، الا ان الحرب السورية التي بدأت في العام 2011 وتداعياتها لم تكن سهلة على المجتمع اللبناني، حيث بلغ عدد السوريين في لبنان نحو مليوني شخص. نزوحٌ لم يمر مرور الكرام على لبنان الذي تأثر على الصعد كافة اقتصاديا، اجتماعيا وديمغرافيا، حتى بات اللبناني يعتبر نفسه "غريبا في بلده" وفق قول أحد المواطنين اللبنانيين.

الحدود اللبنانية السوريّة لم تكن منضبطة طيلة فترة النزوح السوري، والدولة لم تقم بأي اجراءات سريعة حتى وقع المحظور، وباتت المطالبات اليوم مقتصرة على اعادة النازحين الى المناطق الآمنة في سوريا. اذا الدولة تطالب، اما بعض البلديات فبادرت للقيام بإحصاء عددهم فيها لضبط تواجدهم ضمن نطاقها.

"في إطار تنفيذ الخطة الأمنية المتعلقة بالنازحين السوريين، علمت "النشرة" ان شرطة وحرس بلدية ​كفرشيما​ قامت بدوريات على أماكن تواجدهم وإخلائهم من الأماكن غير المستوفية الشروط القانونية وضبطت المخالفات". لاقى هذا الاجراء ترحيب عدد كبير من سكان المنطقة الا انه طرح تساؤلات عن السبب الاساسي لقيام عناصر البلدية بهذه الخطة وبهذا التوقيت.

في هذا السياق، يوضح رئيس بلدية كفرشيما ​وسيم الرجي​ ان الخطة الامنية التي قامت بها البلدية هدفها تنظيم التواجد السوري بقدر المستطاع في البلدة ضمن شقق سكنية قابلة للسكن، وليس في محلات وغرف لا تصلح لذلك، مشيرا الى ان السوريين كانوا يعيشون في أماكن لا تتوافر فيها مقوّمات الحياة، لذا كان لا بد من حصر التواجد السوري في أماكن سكنيّة مفيدة ومعروفة من قبلنا.

ويلفت الرجّي في حديث لـ"النشرة"، الى ان الشروط التي كان يجب توافرها وسبق ان وجه انذارا لاستيفائها هي: وجود إقامة وكفيل للسوريين الساكنين بالمنطقة، اضافة الى رخصة سكن، كاشفا ان عدد السكان في البلدة 15000 نسمة اما عدد السوريين فيها فهو نحو 2000 نسمة.

ويشير الى ان النتيجة التي تم التوصل اليها بعد الخطة هي اخلاء كل الاماكن غير الصالحة للسكن، حيث بات تواجد السوريين مضبوطا، والكفيل صار معروفا، موضحا ان غالبيتهم لم يغادروا المنطقة انما استأجر القسم الأكبر منهم شققا صالحة للسكن، لافتا الى انه لا يمكن ضبط زمام الامور بنسبة 100 في المئة فحتى الدولة لا تنظم هذا التواجد.

وعن اشاعة معلومات حول التعرض الجسدي والعنف تجاه النازحين، نفي الرجي الأمر، مؤكدا ان العملية لم تسفر عن أي حادث من هذا النوع، مشيرا الى انه لم يكن هناك تفتيشا للمنازل بما انه ليس من صلاحيات البلدية، مشددا على انه اذا تم الاشتباه بأي شخص أو منزل يتم التواصل مع القوى الامنية لمراقبة الوضع والتحرك. واذ أكّد الرجي ان الخطة مستمرة، كشف عن وجود مرحلة ثانية تطال المحلات المملوكة من السوريين لاغلاقها أو ان تكون بإدارة لبناني.

وأوضح رئيس البلدية أن التنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات قبل وأثناء القيام بالخطة كان موجودا، وان الوزارة والقوى الامنية كانوا على علم بالامر ومستعدون لأي طارئ يحصل.

في النهاية بادرت بلدية كفرشيما بإرادة شخصية للقيام بخطة لتنظيم التواجد السوري في البلدة مع مراعاة للمقوّمات الانسانية، فهل ستحذو بلديات أخرى حذوها؟.