هل يكون الاسبوع المقبل اسبوع حسم الشق التقني لقانون الانتخاب الذي تكرس الاتفاق عليه في الاجتماع الرئاسي الثلاثي الرمضاني في بعبدا؟

الاجواء والمعطيات المتوافرة تؤكد ان هذا الاجتماع شكل الحد الفاصل بين الازمة والحل، وساهم بشكل اساسي في تجاوز مرحلة الخطر وتثبيت الاتفاق على قانون النسبية والدوائر الـ15، تاركاً التفاصيل التقنية الاخرى للجنة الوزارية التي اقترحها الرئيس بري والتي يرأسها رئيس الحكومة.

ووفقا لمصدر وزاري فان الوزراء لم يتلقوا حتى بعد ظهر امس دعوة لجلسة مجلس الوزراء، مشيراً الى ان هناك رغبة في الاتفاق على الامور التقنية لقانون الانتخاب في اسرع وقت لكي يكون مشروع القانون الكامل جاهزاً على طاولة مجلس الوزراء هذا الاسبوع.

وقال المصدر لـ«الديار» ان هناك صيغاً عديدة مطروحة للنقاش حول احتساب الاصوات او الحاصل الانتخابي، عدا عن ان هناك اكثر من رأي حول موعد اجراء الانتخابات، ومسألة العتبة الانتخابية.

واضاف ان مثل هذا النقاش قد يأخذ بعض الوقت، لكن كل الصيغ متقاربة ولا يجب ان تشكل حجر عثرة في تسريع انجاز مشروع القانون واقراره في مجلس الوزراء لاحالته بصفة معجل مكرر الى مجلس النواب.

والجدير بالذكر ان الرئيس نبيه بري ارجأ الجلسة التي كانت مقررة غدا الاثنين الى يوم الاثنين في 12 حزيران الجاري على امل ان يكون مشروع قانون الانتخاب قد بات جاهزاً امام الهيئة العامة.

وتجمع اوساط الاطراف السياسية ان الاتفاق الذي حصل على صيغة القانون الجديد شكل منعطفا حاسماً لا يمكن الرجوع بعده الى الوراء، وان الحديث عن التمديد او الفراغ او قانون الستين صار من الماضي.

ولخص احد الاعضاء المشاركين في مناقشة تفاصيل القانون لـ«الديار» الموقف بالقول: لقد بتنا في نهاية الطريق بعد الاتفاق الاساسي على قانون الانتخاب، وما بقي هو النقاش التقني على امور ثلاثة هي:

1- العتبة الانتخابية او عتبة التأهيل، حيث يبدو ان هناك توجها محسوماً لتكون عشرة بالمئة، بمعنى ان كل لائحة تفوز بنسبة 10% وما فوق من الاصوات تتمثل في المجلس النيابي.

2- آلية احتساب الاصوات او الحاصل الانتخابي. وهناك صيغ عديدة مطروحة في ما يخص احتساب الاصوات «والكسور» الزائدة على العتبة الانتخابية او عتبة التأهيل.

3- موعد اجراء الانتخابات ومدة التمديد التقني حيث يؤكد وزير الداخلية نهاد المشنوق وفقا لدراسة الوزارة بالتعاون مع الامم المتحدة ان هناك حاجة لستة اشهر على الاقل من اجل اجراء الانتخابات، بينما يطالب التيار الوطني الحر بتقصير المدة قدر الامكان لثلاثة او اربعة اشهر.

وبرى المصدر ان هذه النقاط الثلاث تحتاج لنقاش دقيق وتفصيلي، لكنها لا تشكل مشكلة او عائقاً حقيقياً في مسيرة القانون الذي جرى الاتفاق عليه بصورة عامة.

وامس نقل عن مرجع سياسي بارز قوله ان القانون المتفق عليه ليس على قدر الطموح بسبب اعتماده على دوائر اقل من وسطى، لكن ايجابيته انه يكرس النسبية من الان وصاعداً، وبالتالي يفسح المجال في تحسين التمثيل.

كيف تبلور الحلّ؟

واذا كان اجتماع بعبدا قد كرس الاتفاق العام على قانون الانتخاب فان عوامل ومعطيات عديدة ادت الى الانتقال من الازمة الى الحل، ولعل ابرزها ما يلي:

- تراجع الاطراف عن مطالب السقوف العالية، والقناعة التي تولدت لدى الجميع بأن الفراغ في المجلس النيابي ممنوع وهو خط احمر، وبالتالي يجب الاتفاق على القانون قبل 20 حزيران الجاري.

- سقوط خيار العودة للستين، او التمديد من دون قانون جديد للانتخاب.

- التنازلات المتبادلة حيث قبل الرئيس نبيه بري باعتماد الدوائر الـ15 بدلا من الدوائر الست او الـ13.

وفي المقابل تراجع الوزير جبران باسيل عن فكرة نقل المقاعد او انقاص عدد مقاعد المجلس من 128 الى 108، وكان هذا المطلب موضع معارضة شديدة من الرئيس بري ومعظم القوى السياسية، كما ان بكركي رأت في ان طرحه اليوم هو طرح غير عملي.

كما تراجع باسيل عن اعتماد الصوت التفضيلي على اساس طائفي او مذهبي، وجاء الاتفاق على ان يكون الصوت التفضيلي مفتوحا اي غير طائفي على اساس القضاء.

وتقول المعلومات ان الضغط الذي واجهه باسيل جعله يتراجع عن هذين المطلبين اللذين كانا يشكلان العقدة الاساسية في وجه الاتفاق على قانون الانتخاب الجديد، كما ان اجتماعه مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الاربعاء الماضي ساهم مساهمة اساسية في تسريع هذا التراجع وبالتالي تمهيد وتعبيد الطريق امام الاتفاق الذي جرى في اللقاء الرئاسي الرمضاني.

وفي سياق الكلام عن الاجتماع الرئاسي الثلاثي فان الاجواء التي سادت كانت ودية للغاية، على عكس ما كان يتصور البعض، لا بل انه لم يحصل اي عتاب بين الرئيس ميشال عون ونبيه بري، وسارت الامور بشكل ايجابي للغاية.

اجواء الاطراف

واذا كانت الامور التقنية تحتاج الى نقاش دقيق ومفصل فان المناخ السياسي بعد اجتماع بعبدا اخذ يميل بوضوح نحو الايجابية. وقد نقل زوار الرئيس بري امس ايضاً ارتياحه لما جرى، مؤكداً على وجوب الاتفاق في اقرب وقت على باقي التفاصيل، ومبديا امله في ان يكون الاتفاق الكامل جاهزاً لاقراره في الجلسة المقبلة.

ورأى مصدر نيابي في حزب الله لـ«الديار» ان الامور باتت في المسار الايجابي نحو انجاز واقرار القانون، لكنه اشار الى ان النقاط التقنية يحتاج حسمها الى جهد مشترك.

واضاف المصدر نعتقد ان الامور صارت في المرحلة النهائية، خصوصاً بعد الاتفاق المبدئي والاساسي على القانون.

وقال مصدر بارز في التيار الوطني الحر لـ«الديار»: مبدئياً مشي الحال، والايام الباقية والفاصلة هي للتـفاهم ولانتاج القانون بصيغته النهائية بما فيها الامور التقنية، وكذلك التفاهم السياسي على المرحلة المقبلة».

واضاف: «لقد قطعنا مرحلة مهمة لكن امامنا مرحلة مهمة ايضا هي مرحلة الانتاج والتفاهم السياسي».

ورداً على سؤال حول المقصود من التفاهم السياسي للمرحلة المقبلة قال «المقصود هو الاولويات في المرحلة المقبلة ليس على المستوى السياسي فحسب بل ايضاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي».

وفي شأن موعد الانتخابات قال «انه يجب ان يجري نقاش موضوعي حول الموعد، وعلينا اجراء هذا الاستحقاق في اقرب مهلة ممكنة»، ملمحاً الى وجوب تقصير الفترة قدر الامكان.

وتقول المعلومات ان النقاش سيأخذ مداه في اليومين المقبلين حول موعد الانتخابات، لا سيما ان هناك اراء متباينة بين بعض الاطراف في شأن هذا الموعد. ويؤيد تيار المستقبل واطراف اخرى اجراء الانتخابات في مطلع الربيع، بينما يفضل التيار العوني تقديم الموعد، وتقول مصادر حركة «امل» ان تحديد الفترة خاضع لتوفير الامور التقنية والموضوعية لهذا الاستحقاق على اساس القانون النسبي الجديد.

الى الانتخابات در

وبغض النظر عن الامور التقنية وكيفية حسمها، فان المناخ السياسي السائد يؤكد بان «العدّادات» بدأت تعمل منذ الآن على اساس النسبية والدوائر الـ 15، وان هذه الحسابات تستتبعها في مرحلة قريبة حسابات التحالفات الانتخابية التي ستكون مرسومة على قياس الصيغة الجديدة.