مَن يتابع الحراك السياسي الداخلي في هذه الأيام الحاسمة يعجب كيف أنّ القوم يتصرّفون وكأننا في زمن الستينات، ليس من باب الحنين (المكتوم) الى قانون الستين وحسب، بل أيضاً من باب الخطأ في تقدير دقة المرحلة وحراجتها.

بداية نود أن نسجّل، بأسف كبير، أنّ علم السياسة يبدو غائباً في هذه الأيام ومع الطبقة المتصدّرة، سيّان مَن كان منها في المسؤولية أو من كان خارجها.

وبأسف أكبر نلاحظ أنّ ثمة إستسلاماً كبيراً للأحقاد والضغائن والأنانيات والشخصانية، لكأن الأمور (كلها) بخير يا سيدتي المركيزة... وأن المجال مفتوح أمام هذا الترف... تَرَف اللعب على حافة الهاوية، من دون أن يدري اللاعبون بأنّ في قعر الهاوية وحوشاً ضارية، وأشداقاً مفتوحة لإلتهام من تزل به القدم... وليجر معه البلاد والعباد الى حيث البكاء وصرير الأسنان.

إنهم يتصرّفون وكأنّ حدثاً في غاية الأهمية التاريخية والخطورة الآنية لم يحصل في الخليج ليشد المنطقة كلّها الى أتون لا تنطفىء شعلة نيرانه إذا أساء التقدير طرف من هنا أو فريق من هناك، وهم لم يقرأوا بعد، جيداً، التبدّل الاستراتيجي في الفكر الاستراتيجي السعودي، وفي إصرار المملكة على قرارات فيها الكثير من اندفاعة الشباب وبركة الشيوخ. فما حدث في الساعات الماضية بين السعودية (ومن معها من حلفاء) وقطر يجب أن يُقرأَ في «عاصفة الحزم»، لتبلغ القراءة مداها في قمم الرياض الثلاث مع دونالد ترامب، ولتتجاوز ذلك المدى في قرار قطع العلاقات مع قطر ووضعها، فعليا، في دائرة العزل، مع ما يترتب على ذلك من استنفار عام، اقتصادي على الأقل، في المنطقة، وهو ما سينعكس بالضرورة على لبنان أقله لجهة اللبنانيين المنتشرين في بلدان الإتحاد الخليجي، وبعضهم على تواصل عملي في آن معاً مع الدوحة وهذه أو تلك من العواصم الخليجية التي قطعت علاقاتها معها.

ثم إن القوم عندنا يلعبون بالتواريخ ذات الصلة بالدورة الإستثنائية لمجلس النواب على قاعدة «النكايات» إن لجهة تاريخ فتح الدورة أو لجهة تعيين موعد إنعقاد الجلسة. ولن نستطرد في هذه النقطة بالذات، فالجميع سمع وقرأ وأدرك واستنتج (...).

ومن ثم يفرض السؤال ذاته ليطرح ذاته ومتفرعاته:

هل إنهم يريدون (فعلاً) قانوناً للإنتخابات النيابية؟

وهل يريدونه قانوناً جديداً؟

وهل يريدونه على أساس النسبية؟

وهل المتداول، حتى الآن... بل حتى إقراره، هو قانون للإنتخابات على النسبية أو على النسبية المشوّهة؟

وهل توقف المعنيون عند قول وزير الداخلية والبلديات إن قانون النسبية (الذي يعملون عليه) عاقل ولكنه ليس عادلاً؟

وأساساً:

وهل القوم مستعدون لأن يخسر «البهاميط» بينهم ركّاباً في البوسطة؟ وهل أن ما يجري تداوله في قانون النسبية هو عملية مموّهة لإحياء «البوسطات»؟