لفت نائب رئيس الوزراء، وزير الصحة ​غسان حاصباني​، إلى أنّ "من سيئات العولمة، إحداثها فجوة بين الطبقات الإجتماعيّة، وقد أسهم هذا التفاوت المادي الكبير بين الدول الغنية والفقيرة الّتي ترزح تحت وطأة ديون تتراكم بإستمرار، في انتشار الإضطرابات بمناطق معيّنة من العالم، وانتقال تأثيرها ليطال دولاً تنعم بالإستقرار".

وأشار حاصباني، في تصريح صحافي، عقب إلقائه كلمة في محاضرة بعنوان "الشرق الأوسط بعد العولمة"، إلى أنّ "بعد مرحلة العولمة، أصبح تركيز الدول أكثر اهتماماً بالمصالح الوطنية الداخلية، وبدأ يطغى على الإهتمام بمسائل الشراكة الدولية"، منوضحاً أنّ "بعد العولمة، شهدت جميع الإتفاقيّات والعلاقات متعدّدة الجوانب، تحوّلاً نحو الأحادية أو الثنائية، بحسب مصالح الدول وبحسب التغيرات الحالية؛ إنّنا نشهد ولادة نظام جديد يتطوّر"، مركّزاً على "أنّنا بدأنا نرى علامات استفهام وتساؤلات حول الكيانات والمنظّمات العالميّة والدوليّة الكبرى الّتي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية"، منوّهاً إلى أنّ "الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي تتّجه نحو الإهتمام أكثر بمصالحها الداخلية".

ورأى أنّ "هناك محاولة لإعادة تغيير المسار، وتصويب النظام الرأسمالي المطلق أو الإقتصاد المطلق من دون ضوابط إدارية، الّذي عانى من بعض النواقص وأثبت فشله في عدم قدرته على إنجاح المجتمعات، بسبب الفجوة الكبيرة الّتي خلقها بين الطبقات الإجتماعيّة والّتي أسهمت في ظهور مشكلات وأزمات إقتصاديّة طال أثرها جميع دول العالم، لتشابك الأسواق بعضها ببعض"، لافتاً إلى "محاولة لتصحيحه ليصبح نظاماً إقتصاديّاً حرّاً مع مسؤوليّة إجتماعيّة".

وأكّد حاصباني أنّ "العالم اليوم، يعاود موضعة نفسه في مكان آخر، فمن الضروري الإلتفات إلى الإنسان ورأب الفجوة الموجودة من خلال العناية الإجتماعية به، وعلى القطاعين الخاص والعام، الإهتمام بالأمر"، مشدّداً على أنّ "القطاع الخاص يلعب دوراً مهمّاً في الرعاية الإجتماعيّة، لما يحقّقه من أرباح جمّة من إنتاجيّته الّتي لا بدّ أن يعود جزء منها لمساعدة الفئات الأكثر حاجة في المجتمع، وتخفيف الفجوة بين الأكثر ثراءً والأكثر فقراً، وهذا النموذج الّذي بدأ بالظهور في العالم، هو لخلق نوع من الإستقرار الإجتماعي، وقد يستمرّ معنا إلى نهاية القرن الـ21".

ووجد أنّ "اعتماد دول المنطقة على اقتصاد ريعي نوعاً ما، أضعف من هذا تأثير العولمة على الشرق الأوسط، إلّا أنّ ما تشهده هذه الدول ولا سيما النفطية منها، من إصلاحات إقتصاديّة تجلّت في بروز دور القطاع الخاص أكثر فأكثر، وهناك اتجاه مسؤول ومتدرّج في هذه الدول نحو إشراك القطاع الخاص وخصخصة بعض القطاعات ودفع بعض قطاعات الدولة للعمل بطريقة تنافسيّة كما في القطاع الخاص"، منوّهاً إلى أنّ "هذا النموذج تطبقه اليوم السعودية، فعلى الرّغم من مواردها النفطية، فهي تحوّل إقتصادها إلى تنافسي أسوة بالدول المتقدّمة، مع محافظتها على المسؤوليّة الإجتماعيّة نحو مواطنيها"، مؤكّداً "أنّني متفائل بعد العولمة، وانّ منطقتنا تمرّ بتحوّل كبير جداً بعد مرحلة العولمة، برأيي نحن نسير إلى الأفضل، ولكنّنا نمر بمسار صعب ومخاض عسير".