لا يعتبر اتخاذ الناس دروعا بشرية بالأمر الجديد على تنظيم "داعش" والتنظيمات الارهابية المشابهة، ففي العام الماضي احتجز التنظيم آلاف المدنيين في مدينة الباب السوريّة لتحصين مراكزه واعتدته من القصف، كما استُخدمت هذه الطريقة في مدينة الموصل العراقية، فمع اشتداد وتيرة المعارك وتضييق الخناق على "داعش"، سعى الأخير الى اللجوء لاحتجاز المدنيين واستخدامهم كدروع بشرية للحدّ من تقدم القوات العراقية.

يتناسب "سلاح" احتجاز الأبرياء مع فكر "داعش"، فتجده ضمن خططهم في كل بقعة جغرافية يتواجد فيها. فمع توغل هذه العناصر الإرهابية في الجرود اللبنانية في السلسلة الشرقية، ومحاولة تقدمها بالتزامن مع تصدي الجيش اللبناني لأي تحرك لها، ذكر مصدر أمني لـ"النشرة" ان "التنظيم المذكور يهدف للدخول الى المخيمات في منطقة مدينة الملاهي في ​عرسال​ للسيطرة على كل المساعدات الانسانيّة التي تصل الى اللاجئين السوريين، فالخطة الاهم بحسب المصدر الأمني تكمن في نية الارهابيين استخدام اللاجئين كدروع بشرية ضد الجيش اللبناني، كي لا يعمل الاخير على قصف مواقع تواجدهم".

وتكشف مصادر أمنية لـ"النشرة": "أن هجوم "داعش" على المعسكر التابع لـ"جبهة النصرة" بين منطقتي مدينة الملاهي وخربة حمام في جرود عرسال، يقع ضمن سياق محاولة تنفيذ الخطة، مشيرة الى أن عددا من اللاجئين استشعروا بخطر ما يُحضّر فتركوا المخيمات ولجأوا الى عرسال البلدة. وتضيف المصادر: "بالتزامن مع اشتداد المعارك بين التنظيمين الإرهابيين في الجرود، واصل الجيش اللبناني صد محاولات تقدم داعش الى داخل الأراضي اللبنانية، فأحكم الجيش السيطرة على كامل خط الجبهة الشرقية واغلق المعابر التي كان يهرب منها الارهابيون الحاجات الاساسية لهم من اكل ومازوت، ما جعلهم رهينة "الجوع والضعف" في الجرود اللبنانية.

اخبار متداولة لا غير

"خبر اتخاذ المدنيين في مخيم النازحين السوريين في وادي حميد ليس الا كلاما متداولا وليس مؤكدا"، تشير نائب رئيس بلدية عرسال ​ريما كرنبي​ في حديث لـ"النشرة"، وتؤكد ان رغم ذلك، ولّد نوعا من القلق لدى الناس في المخيم، فحاول بعض النازحين الهرب منه، لكن معظمهم لا يحمل اوراقا قانونية لذا تعذّر دخولهم الى بلدة عرسال.

وتوضح كرنبي ان المخيّم يقع بين مواقع يسيطر عليها تنظيم "داعش" من جهة، و"جبهة النصرة" من جهة أخرى، مؤكدة ان الوضع حاليا يسوده الهدوء والاشتباكات عادية، الا اننا نسمع طلقات رصاص ومدافع من حين الى آخر.

دليل ضعف

من جهته، يؤكد العميد السابق في الجيش اللبناني ​محمد رمال​ ان شعور الارهابيين بأن الفرص امامهم تضيق جعلهم يعمدون الى خيارات دفاعية منها "التمترس" خلف المدنيين، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن الجيوش النظامية تراعي حرمة المدنيين، وتحول دون استهداف المخيمات، لافتا الى انه عندما تضيق فرص المواجهة يلجأ الارهابيون الى خيار اتخاذ الناس دروعا بشرية للضغط على المجتمع اللبناني والدولي.

ويشدد على ان الجيش اللبناني هو الاقوى والارهابيين هم الاضعف عسكريا وميدانيا، مؤكدا ان الجيش لم يستهدف المدنيين طيلة فترة المواجهة مع التنظيمات الارهابية في الاوقات السابقة.

ويلفت الى انه اذا صحّت فرضية اتخاذ النازحين في المخيم على الحدود اللبنانية السورية دروعا بشرية، فقيادة الجيش اللبناني ستضع الاجراءات والخطط المناسبة، والاسلوب الأنسب للتعامل مع الوضع ان على سكان المخيمات الوعي لكي لا تتحول مخيماتهم لقاعدة انطلاق للارهابيين.

"لا يمكن الفصل بين المخيمات والمسلحين"، يؤكد رمال ويضيف: "هذه العلاقة فيها علامات استفهام، فالمخيمات نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات ارهابية، وثبت ان الكثير من العمليات كانت نقطة بدايتها من هناك، كاشفا ان الجيش اللبناني والمخابرات استطاعا توقيف مسلحين، مطلوبين وخلايا ارهابية داخلها نتيجة متابعة ورصد.

اذا الجيش اللبناني يرصد، يتابع ويداهم عند الاشتباه بأي خلل في مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود، كما انه لا يتوقف عن صدّ محاولات الارهابيين في الدخول الى لبنان، وفي هذا الاطار، يؤكد رمال ان الجيش يمسك بزمام الامور بشكل تام ومستفيد من التحصينات ومن تنشيط العمل الامني ورصد المسلحين، وبمجرد اطلاق فرضية اتخاذ تنظيم "داعش" الناس دروعا بشرية فهذا مؤشر على سيطرة الجيش وتمكنه بامساكه الأمني في المنطقة.

لا يكلّ تنظيم "داعش" من ابتكار طرق جديدة لإنتهاك حقوق الانسان، فأجندات التنظيمات الارهابية تختلف عن الاتفاقيات الدولية وعن الامور الانسانية، ليصبح الممنوع مشرعا في "القانون الداعشي". وبين الانهزام والمواجهة يختار التنظيم الاحتماء بالمدنيين باعتبارهم نقطة ضعف بوجه الأجهزة الأمنية.