قرر ​المجلس الدستوري​ الأسبوع الماضي تعليق مفعول قانون ​الضرائب​ رقم 45 الصادر في 21 آب 2017، والمتعلق بتعديل واستحداث بعض المواد القانونية الضريبية لغايات تمويل ​سلسلة الرتب والرواتب​، فاختلط "الحابل بالنابل" و"تشوهت" صورة السلسلة، وأصبح مصيرها غامضا، فماذا إن قرر المجلس الدستوري الحكم بعدم دستورية هذا القانون، ومن أين تأتي الاموال لدفع السلسلة الجديدة؟.

تفصل مصادر متابعة لهذا الملف بين القانون رقم 46 المتعلق برفع الحد الأدنى للرواتب و​الأجور​ واعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين، والقانون 45 الخاص بالضرائب، مشيرة الى أن اعلان تعليق الثاني أو بطلانه لا يؤثر على وجود الأول، ما يعني أن الموظفين سيقبضون نهاية شهر أيلول الجاري رواتبهم بناء للأرقام الجديدة التي تضمنتها السلسلة.

وفي هذا السياق يؤكد الخبير الاقتصادي ​غازي وزنة​ أن الموظفين لا يتحملون مسؤولية تعليق قانون الضرائب التي ستمول السلسلة وبالتالي على الدولة تأمين رواتبهم. ويقول وزنة في حديث لـ"النشرة": "إن قرار المجلس الدستوري تعليق قانون البنود الضريبية أدى بدون شك الى ارتياح بالاسواق، وبنفس الوقت الى مخاطر بشأن تمويل السلسلة"، مشيرا الى أن المجلس الدستوري يمكنه، بأقصى ما يمكن له، إبطال القانون لمخالفة المادة 83 من الدستور التي تتحدث عن شمولية ​الموازنة​ واستنادا للمادة 36 من الدستور التي تعطي النائب حق التصويت الشفهي على القوانين، لافتا النظر الى ان هذا الإبطال سيكون بنهاية المطاف موقتا، لأن مجلسي النواب والحكومة لديهما تدابير قانونية ودستورية لاعادة بعض هذه الاجراءات الضريبية من خلال ضم غالبية البنود الضرائبية غير المطعون فيها الى مشروع موازنة عام 2017.

ويلفت وزنة النظر الى أن قرار المجلس الدستوري هو ابطال موقّت لغالبية الاجراءات الضرائبية باستثناء الضريبة المتعلقة بالازدواج الضريبي التي تطال ​القطاع المصرفي​ والمهن الحرة، اذ يبقى هذا البند مبهما وغير واضح المعالم لانه قابلا للإلغاء. ويقول: "16 بندا ضرائبيا سيعاد تطبيقها عبر الموازنة او عبر القانون 45 بعد تعديلات، وهكذا تكون الدولة قد خسرت واردات لتمويل السلسلة تقدر بحوالي 80 مليار ليرة خلال شهر تعليق القانون"، متوقعا أن تعمد الدولة للاستدانة من المصرف المركزي م لدفع الرواتب نهاية هذا الشهر، او عبر الوفر الذي حققته ​لجنة المال والموازنة​.

اذا لا مشكلة بأغلبية البنود الضريبية وتحديدا تلك التي تطال المواطنين اللبنانيين كافة، فهي ستعود عاجلا أم آجلا سواء في الموازنة أو عبر تعديل القانون نفسه، إلا أن البند الضريبي الذي يطال المصارف هو "المشكلة" لانه يشكل "ازدواجا ضريبيا"، وتقول المصادر لـ"النشرة": "أثناء دراسة مشروع السلسلة في ​مجلس النواب​ تصدى عدد من النواب للبنود التي تطال المؤسسات المالية واعمال المهن الحرة، وعلمنا يومها أن المعركة مع هؤلاء ستطول وأن اقرار قانوني السلسلة والضرائب لن يكون "نهاية المعركة"، وهذا ما يحصل اليوم اذ ان اللبنانيين سيكتشفون بعد حين أن مدّعي الحرص على اموالهم طعنوا بالقانون لأهداف سياسية مالية لا علاقة لجيب المواطن الفقير بها.

تكشف المصادر في حديث لـ"النشرة" أن بعض المصارف عمدت الى تخفيض رواتب موظفيها بنسبة وصلت الى 10 بالمئة بسبب البنود الضريبية المفروضة عليها، مع العلم انها لم تطبّق بعد، مشيرة الى أن النواب الذين جاهدوا لتحقيق الانجاز بفرض الضرائب على الجميع لن يستسلموا لأي أمر واقع يحاولون فرضه عليهم. وتدعو المصادر لانتظار القرار النهائي الذي سيتخذه المجلس الدستوري اذ بناء عليه سيقوم مجلس النواب بالتحرك لمعالجة الخلل الذي قد ينتج عن ابطال القانون او بعض بنوده، اذ لا يخفى على احد ان السلسلة من دون البنود التمويلية ستكون منقوصة.

طلب وزير المالية ​علي حسن خليل​ طلب من وحدات الوزارة التقيّد بقرار المجلس الدستوري بتعليق استيفاء اية رسوم او ضرائب نصّ عليها القانون المعلّق تنفيذه، فهل تدخل مالية الدولة في "ضائقة كبيرة" مع اقتراب استحقاق دفع الرواتب مع الزيادات؟.