لفت وزير الثقافة ​غطاس خوري​ في كلمة له خلال المؤتمر التاسع والثلاثين لمنظمة ​اليونسكو​ في ​باريس​ في دورته التاسعة والثلاثين، إلى أنه "على مدى عقود، حملت هذه المنظمة لواء الدفاع عن رؤية شاملة للبشرية وحافظت على مكانة مميزة للتعليم و​العلوم​ والثقافة ويفتخر ​لبنان​ أن يكون عضوا مؤسسا في هذه المنظمة العريقة".

وتوجه إلى الحاضرين بالقول "اسمحوا لي أولا أن أوجه تهاني الخالصة للسيدة أودري أزولاي لانتخابها مديرة عامة لهذه المنظمة المرموقة. إن لبنان يعرب عن تأييده التام لبرنامجها الخاص بإجراء اصلاحات لليونسكو والذي نأمل أن يجعل عمل هذه المنظمة أكثر فعالية في نطاق مهامها"، مشيراً إلى انه "تربط لبنان بمنظمة اليونسكو علاقات وطيدة ومميزة وللبنان خمسة مواقع أدرجتها منظمتكم على قائمة مواقع التراث العالمي. ولبنان يسعى إلى إدراج "​معرض رشيد كرامي الدولي​ الى قائمة التراث العالمي الحديث. هذا المعرض الذي صممه في العام 1963 المهندس المعماري البرازيلي الشهير أوسكار ​نيمار​".

أضاف "في الواقع، لليونسكو مكانة خاصة ومتميزة بين شركاء لبنان من المجتمع الدولي اذ يجمع بين المنظمة ولبنان تعاونا وثيقا في مجالات مختلفة، ففي مجال التعليم، تتعاون اليونسكو بشكل وثيق مع لبنان لتوفير التعليم الابتدائي والثانوي لجميع الأطفال بحلول عام 2030. كما تلتزم ​الحكومة اللبنانية​ بإتاحة فرص الحصول على التعليم المجاني لأطفال العائلات المعوزة وأصحاب الدخل المحدود وذلك على أوسع نطاق. فاليوم يشكل الأطفال ​اللاجئون السوريون​ نسبة واحد على أربعة من الأطفال في لبنان، نزحوا من ​سوريا​ بسبب الحرب وكان لهذا الصراع ضرر كبير عليهم. وقد اخذت الحكومة اللبنانية على عاتقها تحمل نفقات هؤلاء الاطفال التعليمية، ولكن الوضع الحالي يشكل عبئا على موارد لبنان المحدودة. ونحن ندعو أعضاء المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في هذا الصدد".

وتابع خوري "في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، كان تعاوننا مع اليونسكو مثمرا أيضا ونحن نفخر باختيار جبيل، هذه المدينة الساحلية التي كانت مهد الأبجدية، مدينة لاستضافة المركز الدولي لعلوم الإنسان. ويساهم هذا المركز بتعزيز الديمقراطية وثقافة السلام من خلال رعاية البحوث حول القضايا الرئيسية المتعلقة بالتحولات الديمقراطية ويركز بوجه خاص على دور الشابات والشبان، أما في مجال التراث الثقافي المادي، أحرز لبنان تقدما كبيرا في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وتنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بما في ذلك اتفاقية اليونسكو لعام 1970 وقد عملنا بالتعاون مع مكتب اليونسكو في ​بيروت​ على زيادة الوعي بهذا الشأن ومكافحة الاتجار ب​الآثار​ والممتلكات الثقافية، اننا ندرك ان الثقافة تتقاطع مع كل من الابداع والتطور الاجتماعي وتخلق فرصا للنمو الاقتصادي".

وأضاف "سعيا منا لتصور رؤية آيلة للنهوض الثقافي في لبنان، عمدنا في الآونة الأخيرة إلى إطلاق خطة خمسية ورسم مخطط لدعم النمو في مختلف القطاعات، بالتزامن مع هذه الخطة، اننا نحرص على تعزيز القوانين التي من شأنها حماية المباني والمعالم التاريخية وعلى تأسيس سياسة ثقافية وطنية للتراث غير المادي وإنا، وفي غمار هذه الجهود، نتطلع الى ​الاونيسكو​ والى شركائنا في المجتمع الدولي لما يمكنهم أن يقدموا لنا في هذا الاطار من الدعم والتوجيه".

وقال "لا شك في ان انتشار الايديولوجيات المتطرفة هو واحد من أكبر التهديدات التي يواجهها حاليا عالمنا المتحضر. هذا واننا لمتيقنون بأهمية التبادل ​البناء​ في كل من الثقافة والتربية والفنون كوسيلة ناجعة لنخوض مواجهة جدية وثابتة لمحاربة التطرف الراديكالي بالتزامن مع مواجهته عسكريا"، مؤكداً "اننا نؤمن بأهمية الدور الجوهري الذي يمكن للأونيسكو أن تؤديه في التصدي للتطرف، هذه المنظمة التي، ومنذ إنشائها، قد كرست ذاتها لتعزيز أواصر التفاهم والحوار ولإرساء قواعد السلم بين شعوب العالم".

وختم خوري "في معرض ختامي لهذه الكلمة، أود أن أذكركم بالاعتداءات الهمجية والمفجعة التي أجهزت على المواقع التاريخية والأثرية في كل من سوريا والعراق. إن تراثنا الثقافي في هذه المنطقة عرضة للاعتداءات وتاريخنا الغني ضحية للتدمير الممنهج وانه لمن المؤلم أن نرى كيف يتم الاجهاز على هذه المواقع علما بأنها تمثل تاريخنا وهويتنا المشتركة ولا يمكن الاستعاضة عنها".

وشدد على أنه "يجب وضع حد فوري لهذه الاعمال الهمجية. ونتيجة تداعيات ​الحرب السورية​ على لبنان، لا يمكننا الا ان نشدد على ضرورة ايجاد حل سلمي لإعادة الاستقرار الى ربوع المنطقة"، داعياً جميع الفاعلين واصحاب الشأن إلى "تكثيف جهودهم في دعم المسعى السياسي الذي تتولاه ​الامم المتحدة​ والآيل الى ايجاد حل للازمة ولهذا ان لبنان على اتم الجهوزية والاستعداد لمواصلة تعاونه مع الاونيسكو من اجل خلق مجتمع مسالم ومستدام وعادل من أجل الجميع".