انقسمت الآراء حول الزيارة الآسيوية التي يقوم بها الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​، والتي انصبت الانظار خلالها على المحطة ​الصين​ية كونها الاهم على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، واعتبر البعض ان ترامب هو الذي سيحصد ايجاباً نتائج هذه الزيارة، فيما رأى البعض الاخر ان الرئيس الصيني شي جي بينغ هو الذي سيستفيد من استقباله نظيره الاميركي.

في الواقع، لا يمكن لاي احد ان ينكر ان الاستفادة من اي زيارة لرئيس دولة الى اخرى، تصب في الخانتين والا لما كانت حصلت بالمطلق. فالدعوة بذاتها وتلبيتها وتحديد موعدها، كلها امور تؤخذ في الاعتبار من الطرفين قبل ان تأخذ طريقها الى التنفيذ، ولكن من الصحيح ايضاً ان احدهما ممكن ان يستفيد منها اكثر من الآخر.

في هذه الحالة، تبدو كفة الصين مرجحة للاستفادة اكثر لاسباب عدة اهمها:

-مسألة ​كوريا الشمالية​: لم ينفع التهديد والوعيد الذي اطلقه ترامب تجاه كوريا الشمالية، كما ان الصين افشلت مشاريع قرارات في ​مجلس الامن​ كانت تهدف للضغط على بيونغ يانغ بصورة قاسية. وتأتي الزيارة الاميركية الى بكين، كخطوة اعتراف بأحقية الصين في اتخاذ القرارات في ما خص كوريا الشمالية، بحكم انها "زعيمة اسيا" من جهة، والجارة القريبة التي ستنعكس عليها اي خطوات عسكرية او اقتصادية محتملة.

لم يغيّر ترامب من موقفه السابق لجهة ان الصين قادرة على حل الخلاف مع كوريا الشمالية اذا قامت بجهد اكبر، لكنه تراجع حتماً عن لهجته القاسية والتي وضعت العالم امام احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة انطلاقاً من آسيا. ولكن، لا شيء يضمن ان تقوم الصين بأي اعمال استثنائية لحل النزاع القائم، واكتفت على ما يبدو بـ"ضربة على المعصم" للزعيم كيم يونغ اون فيما اهمدت في الوقت نفسه ثورة البركان الاميركي الهائج، وهو امر يحسب لها، كونها جمّدت التصعيد الذي بلغ اوجه بين البلدين.

-المسألة الاقتصادية: ليس خافياً على احد اهتمام ترامب بجذب الاموال، وهو امر ظهر جلياً خلال زياراته السابقة وبالاخص الى ​الدول العربية​، وها هو يعيد الكرّة اليوم حيث من المتوقع ان يعود الى الولايات المتحدة مزوداً بعقود ابرمتها شركات اميركية تحت انظاره وانظار الرئيس الصيني، بمبالغ تفوق قيمتها 250 مليار دولار. وهذا الامر ولو انه يصب في مصلحة ترامب، لكنه يضمن استفادة الصين من "صك براءة" اعطاها اياه الرئيس الاميركي بعدم "لومها على الفارق الكبير في الاستفادة من ​اميركا​" في ما خص الميزان التجاري، وهو امر يفيدها كثيراً فتستفيد بشكل اكبر من تواجدها في الاسواق الاميركية من جهة، وتكتسب "شرعية" اضافية في التعاطي التجاري مع دول العالم من جهة اخرى. كما ان من شأن هذه الخطوة، تكريس الصين زعيمة على العالم التجاري دون اي منازع.

-العلاقات العسكرية مع واشنطن: ومن اوجه الاستفادة الصينية من الزيارة الاميركية، تخفيف حدة القلق العسكري الاميركي من التطور الصيني، حيث دق العسكريون الاميركيون ناقوس الخطر اكثر من مرة للدلالة على التقنية الصينية التي باتت تتفوق على تقنياتهم العسكرية من جهة، كما ان ​الجيش الصيني​ يتفوق من حيث العديد والعتاد على ​الجيش الاميركي​، ما دفع بالكثير من ضباط الجيش الاميركي الى المطالبة بزيادة الميزانية الدفاعية للجيش وتعويض الفارق في السباق العسكري، محذرين من تنامي القوة العسكرية الصينية، وخصوصاً في مجال القوات البحرية.

وعليه، يمكن القول ان الصين تعتبر المستفيدة الاكبر من جولة ترامب الاسيوية، وهي ستستغل دون شك هذه الاستفادة بطريقة او بأخرى وفي اكثر من مجال، بما يعزز صورة الرئيس الحالي شي جي بينغ كزعيم تاريخي للصين.